أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مؤسسة الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية، أن الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الصين والهند والسعودية لن تساعد الغرب في مواجهة أزمته المالية إلا إذا حصلت على نفوذ أكبر في إدارة الاقتصاد العالمي. وقال خلال افتتاحه اليوم الثالث من منتدى التنافسية في الرياض أمس، إن الأزمة المالية والكساد الكبير ولدا وترعرعا في الغرب لكنهما أضرا بسائر دول العالم ما يظهر الحاجة إلى إعطاء الاقتصادات الناشئة مزيدا من التمثيل ومزيدا من الصلاحيات في كيانات عالمية مثل مجموعة الدول العشرين ومجلس الاستقرار المالي الذي يناقش القواعد المنظمة للبنوك والأسواق المالية. وأضاف أن منظمات مثل مجلس الاستقرار المالي لم تأخذ حتى الآن الواقع الجديد في الاعتبار بينما لم تحرز مجموعة العشرين تقدما يذكر في تنسيق صناعة السياسة الاقتصادية حول العالم. وحذر الفيصل من أن افتقار الاقتصادات الناشئة الكبرى للنفوذ داخل الكيانات العالمية سيضعف استعدادها للمساهمة بأموال لمكافحة الأزمة العالمية. وقال «من المؤكد أن الدول النامية الكبيرة لن توافق على تقديم أموال إضافية بدون الحصول على مزيد من النفوذ في صندوق النقد الدولي وينطبق ذلك على كل المنظمات الاقتصادية العالمية». وأخذ على الحكومات الغربية تمويل اقتصاداتها بالديون على مدى العقود الستة الماضية والسماح لقطاعاتها المالية بالخروج عن السيطرة، وقال إن مشاكل الديون الأمريكية والأوروبية ستستمر خمس أو عشر سنوات. وأشار إلى أن حيازات البنك المركزي السعودي نحو 360 مليار دولار من الأوراق المالية الأجنبية، معظمها سندات خزانة أمريكية ساعدت في دعم الدولار وتعزيز استقرار الاقتصاد العالمي. وقال إن المملكة ستواصل دورها في دعم الاستقرار لكنها تحتاج في المستقبل للتركيز بصورة أكبر على مواردها المحلية وفي نطاق الشرق الأوسط نظرا لأنها تواجه تحدياتها الخاصة مثل الحاجة لإيجاد وظائف للشباب والتعاطي مع الضغوط السياسية في شتى أنحاء العالم العربي. وأضاف أن صندوق النقد العربي وهو كيان إقليمي يقرض الحكومات وصناديق التنمية السعودية مثل البنك الإسلامي للتنمية تحتاج لتعزيز قوتها لمساعدة التنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط. وأكد أن المملكة دولة مستقرة وغنية ولديها كل الوسائل لتحقيق مزيد من التقدم، ومع ذلك نحن بحاجة إلى إعادة اختراع روح المبادرة التي كانت جزءا من ثقافتنا والتي لا غنى عنها لبناء قاعدة صلبة لتقدمنا. وأضاف أن روح المبادرة التي تجمع بين الرؤية مع أخذ المخاطر، هي محرك التقدم والنجاح في مختلف المجالات ليس فقط في مجالات الأعمال التجارية وكسب المال أو الاقتصاد. وشدد على أن تجاوز السعودية الأزمة العالمية وبعض الضغوطات الاقتصادية التي تواجه أمريكا وأوروبا، يعود في جزء كبير منه إلى التزام المملكة بالتمويل الإسلامي، وإصرارها على خلق اتصال حقيقي بين المخاطر والعوائد التي تفرض الحفاظ على مستويات معقولة من النفوذ. ولفت إلى أن دول الخليج ومنها السعودية، ستركز على تطوير اقتصاداتها المحلية، وزيادة التجارة البينية، وتحسين التعليم مع التركيز على المناهج التي تؤهل الشباب لخوض تحديات العمل والقدرة على المنافسة في أسواق العمل. وقال «إن المجتمع في السعودية هو واحد من أصغر المجتمعات في العالم سنياً، مع نحو 75 في المائة من السكان تحت سن الثلاثين و30 في المائة تحت سن 21 سنة، لذلك فإن التحدي هو كيفية النجاح في استيعاب الملايين من الشباب في اقتصادنا الوطني الذي هو جزء من الاقتصاد العالمي، وكيفية إعدادهم وتدريبهم ليكونوا قادرين على المنافسة مع نحو ثمانية ملايين عامل أجنبي».