نفى المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العلمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح بن سعد اللحيدان أن يكون كل الانتحال مذموما، مبينا أن بعض أنواع الانتحال محمود خاصة إذا كان فيه إنقاذ نفس من الخطأ. وأبان اللحيدان أن الانتحال في أصله ينقسم إلى قسمين أولها الانتحال الارتدادي، موضحا معنى هذا النوع وهو أن يتقمص المسؤول الكبير الخائف أو يتقمص العالم الكبير الخائف أو العادي يتقمص شخصية أخرى أقل معنى ومسؤولية لكي ينجو من الطائل الذي يلحقه، مشددا على أن هذا التقمص في أصلة محمود لأنه إنقاذ نفس من خطأ. وأفاد اللحيدان أن النوع الثاني من الانتحال الذي يطلق عليه التقمص الإرادي يعد من كبائر الذنوب لأنه يترتب عليه إثم وجزاءات بدنية ونفسية ومالية، موضحا أن هذا النوع يعني تمثيل شخصية من الشخصيات للوصول لشيء معين. وأشار اللحيدان إلى وجود أنواع عديدة أخرى من التقمص مثل التقمص الإعجابي المنتشر بين شريحة كبيرة من الشباب كمن يتقمص بعض الممثلين أو المطربين، وصنف اللحيدان هذا النوع بالمرض الإكلينكي التعويضي لأن الشخص قد يفقد أشياء كثيرة أثناء الطفولة المبكرة كالمثل الأعلى أو القدوة الصالحة أو القراءة القوية المركزة وعند الكبر يحاول أن يعوض هذا النقص بالتقمص السيئ الذي يجب أن يكون في الطريق الصحيح وهو مايسمى بعلم النفس التحليل والتأثر. لكن اللحيدان يرى أن بعض التأثر يعد محمودا كالتأثر بكبار العلماء من أصحاب القرون الثلاثة المفضلة أو المؤرخين الكبار أو المحدثين أو اللغويين أو السياسيين وهو في جملته محمود. وذكر قسم آخر من التقمص وهو المرضي أو مايسمى بعلم النفس الانفصام وهو أن يقلد شخصا ما دون أن يعلم وهو مايسمى البرونيا، مؤكدا ضرورة أن يخضع صاحبه للعلاج العقلي الطويل إن كان مكتشفا. ولفت المستشار العلمي إلى أن نوعا آخر يعرف بالتقمص الإضراري وهو أن يتقمص شخص ما صفة شخص آخر للإضرار به لكي يوقعه بالجناية أو بمشكلة، مشددا على ضرورة أن يخضع صاحبه للتعزير ورد الاعتبار المادي والمعنوي. وأبان اللحيدان وجود نوع يعرف بالتقمص الحسدي ويسمى بعلم النفس الوظيفي التقمص الطردي، مبينا أنه عبارة عن تقمص شخصية رجل آخر عن طريق الإعجاب لكنه يعجز عن الاستمرار فينقلب الإعجاب إلى حسد يتحول أحيانا لدرجة الوشاية أو الهجاء أو مايسمى بعلم النفس الجنائي الإسقاطات النفسية. وأكد اللحيدان أن الانتحال الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي ليس جديدا بل هو موجود ومعروف منذ القدم، مشددا على أن التقمص أو الانتحال من الكبائر لأن التقمص والانتحال يؤديان بالشخص إلى البراءة بينما المنتحل قد يقع عليه الجزع أو قد تقع عليه الجريمة والجناية وهو مايسمى بعلم النفس التحليلي الجريمة المركبة أو المقلدة أو المنتحلة. وذكر المستشار العلمي أن الانتحال جاء في الأثر عند الذهبي في سير أعلام النبلاء وفي كتاب أخبار من السلف وفي كتاب الفرج بعض الشدة للقاضي التنوخي وجاء في تاريخ الإسلام المطول أن التقمص ليس أمرا حديثا بل أنه أمر قديم. وخلص اللحيدان إلى أن التقمص جناية أدبية وأخلاقية ونفسية يقابلها الانتحال وياخذ الحكم سواء بسواء، ودعا اللحيدان كافة المسؤولين إلى أن يجعلوا أنواعا للتقمص وأن يجعلوا أنواعا للانتحال ويرتبوا على هذا وذلك الجزاء إلا مايتعلق بالتقمص المرضي الذي هو انفصام الشخصية.