أكد رئيس المجلس الأعلى للدعوة والإغاثة في فلسطين الشيخ رائد صلاح أن الاعتداءات الصهيونية لاتزال مستمرة في كل حين، ولن تنتهي إلا بتحقيق المطامع الاستيطانية بالاستيلاء على القدس الشريف، واعتبر أن الصهاينة يسعون لإقامة الهيكل على أنقاض الأقصى من خلال باب المغاربة الأول مما يشكل تهديدا واضحا لأسس المسجد الأقصى، وأشار إلى أن عرب 48 مازالوا مرابطين في الميدان مع إخوانهم من القطاعات الأخرى محافظين على انتمائهم وأصالتهم. ورأى أن العوائق التي تواجه الحركة الإسلامية في عمارة المسجد الأقصى تكمن في العدو الصهيوني منذ احتلاله للأراضي الفلسطينية في 1967م، واتهم السياسة الأمريكية والصهيونية في سعيها للفرقة بين الأشقاء الفلسطينيين وشق الوحدة بينهم، وامتدح المرأة الفلسطينية المناضلة إلى جانب الرجل في المجالات التعليمية والخدمية من خلال الأنشطة الإعلامية والتنموية، جاء ذلك في الحوار الذي أجرته «عكاظ» مع الشيخ رائد صلاح .. فإلى التفاصيل: • يتكرر بين الحين والآخر الاعتداء الصهيوني على الحرم القدسي، من قبل باب المغاربة، وغيره ومواصلة الحفريات تحت أساسات المسجد، ما دوركم، ودور المسلمين كافة حيال الاعتداءات الموجهة لمقدسات المسلمين ؟ إن الاعتداءات لن تنتهي على بيت المقدس، ولايزال رباطنا هناك ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، واليهود خططهم لن تنتهي لأنهم يريدون إقامة الهيكل المدعى على أنقاض الأقصى، وهذا لن يحدث، فلن يكون الاعتداء على الأقصى من قبل باب المغاربة الأول، ولن يكون الأخير، والهدف المعلن توسيع المساحة التي يحتلها اليهود من قبل حائط البراق، لإقامة مصلى للنساء اليهوديات، وهذا ما صرح به الرئيس الإسرائيلي ولن يحدث هذا إلا باحتلال هذا الباب وفرض السيطرة عليه، وإزالة الجسر الخشبي المؤدي إلى الحرم القدسي مدعين أن أعمال الهدم لدعم جسر خشبي يؤدي إلى الحرم القدسي من باب المغاربة. بينما تؤكد دائرة الوقف الإسلامي بالقدس أن الجسر معلم تاريخي، وأعمال الحفر تؤثر على أساس المسجد الأقصى، وعلينا كفلسطينيين ومسلمين الوقوف ضد كل المحاولات الصهيونية لهدم المسجد الأقصى بكل ما نستطيع. عرب 48 • عرب 48 هل لايزالون في رباطهم؟ أم بدؤوا بالانشغال كل بشأنه؟ مازالوا مرابطين في أرضهم وفي بيوتهم مازالوا يحافظون على هويتهم بكل أبعادها فهم على يقين أن رباطهم يشدهم للحاضر الإسلامي والعربي، ويحملون هويتهم ذات العمق التاريخي والديني، ويصرون على هذه الهوية من خلال فهمهم وسلوكهم وتربية الأبناء والأحفاد سواء كان ذلك في البيت أو العمل أو الشارع الفلسطيني. • البعض يقول إن الجدار العازل أنهى الحلم الإسرائيلي، هل هذا القول واقعي؟ لا شك أن الشعب الفلسطيني يتمسك بقيمة الصبر والرباط والثبات كقيمة دائمة في كل مسيرته منذ بداية نكبة فلسطين التي لم تنته حتى هذه اللحظات، قد مر بمشاهد الترحيل والمجازر والسجون وما يلحقها من تعذيب، مر بمشاهد الشهداء، مر ولايزال يمر بعشرات آلاف الأيتام وعشرات آلاف الأرامل، ورغم المعاناة، لايزال ثابتا مرابطا في الأرض مطالبا بكامل حقه، ولكن للحقيقة نقول إن الجدار العنصري هو جدار مؤذ بكل معنى الكلمة، فقد فصل أكثر من أربعين ألف من أهلنا كانوا في القدس عن مجتمعهم وأهلهم، من خلال هذا الأمر سعت المؤسسة الإسرائيلية إلى تقنين عدد الأهل المرابطين داخل القدس، واغتصاب مساحة واسعة من أرض الضفة الغربية، واجتثاث عشرات آلاف أشجار الزيتون التي كانت مصدر رزق للشعب الفلسطيني. عوائق الاستمرار • ما العوائق التي تواجه الحركة الإسلامية في عمارة القدس؟ العائق الأول والأخير هو الاحتلال الإسرائيلي ولا يوجد أي عائق آخر، حيث يسعى الاحتلال الإسرائيلي الآن إلى تهويد القدس الشريف، بعد أن أعلن الاحتلال عن حربه على القدس الشريف عام 1967م ولم تنته حتى الآن، لاتزال هذه الحرب تدور في القدس وساحاته، وإن كانت وسيلة الحرب في هذه الأيام هي ليست الوسيلة العسكرية وإنما الحرب لاتزال قائمة وتهدف من ورائها المؤسسة الإسرائيلية إلى وضع يدها على كل شبر في أرض القدس الشريف، وكل الأخطار الأخرى تنبع من هذا الخطر الأساس، لذلك فإن الأخطار ستبقى متواصلة مادام الاحتلال الإسرائيلي قائما على الأقصى المبارك، ولن تزول هذه الأخطار إلا بزوال العدو الصهيوني عن المسجد. على ضوء ذلك مازلنا ننادي أنفسنا والعالم العربي والإسلامي إلى ضرورة التعاون من أجل إقامة صندوق إسلامي عالمي لإنقاذ القدس الشريف من الضياع، ولازلنا نتبنى كل خطوة تصب في إحياء وأعمار المسجد الأقصى من حيث الإعمار المادي الذي يتعلق ببنائه أو الإعمار الروحي من خلال مواصلة التشجيع والحث الدائم على شد الرحال إليه في المسيرة التي بدأناها منذ سنوات، وهي «مسيرة البيارق» التي من خلالها نقيم الدروس المختلفة في المسجد الأقصى، ومهرجانات متعددة. شق الصف • من المسؤول عن موجات شق الصف الفلسطيني التي تظهر بشكل علني عبر وسائل الإعلام العالمية؟ إن شق وحدة الصف الفلسطيني هي سياسة أمريكية صهيونية لا تستهدف الصف الفلسطيني فقط بل تسعى إلى استهداف كل الحاضر الإسلامي العربي، بناء على هذه السياسة اللئيمة سعت أمريكا وكل حلفائها إلى شق وحدة الصف المسلم في أفغانستان والعراق، ولاتزال تسعى إلى شق وحدة الأهل في لبنان والبقية لاتزال تسعى لها أمريكا وحلفاؤها في السودان والصومال وفي مواقع كثيرة أخرى، واضح جدا أن من هذه المواقع التي يركزون على شق وحدة الصف فيها هي السعي المتواصل إلى شق وحدة الصف الفلسطيني بناء على هذه المؤامرة الأمريكية الصهيونية، لذلك نحن قلنا دائما ومازلنا نطالب بوحدة البيت والطريق والحاضر والمستقبل الفلسطيني، ولازلنا نؤكد أن أي فتنة قد تقع في داخل هذا البيت الفلسطيني هي خسارة للجميع كل من يسكن هذا البيت وهي عبارة عن ضرب للمنجزات الفلسطينية التي قدمت من أجلها قوافل الشهداء وقوافل السجناء والتي عانى بسببها قوافل الأيتام وقوافل الأرامل، ذلك نحن منذ أن بدأت مظاهر مقلقة حول الوضع الفلسطيني بادرنا وأقمنا هيئة سميناها باسم «هيئة الوفاق الوطني» ، وذلك من أجل أن نقوم بدورنا كتبنا وثيقة وطالبنا الجميع أن يوقعوا على هذه الوثيقة كي تكون بمثابة المرجعية للحفاظ على وحدة البيت الفلسطيني. كان لنا لقاءات مع أطراف فلسطينية مختلفة، ومؤتمرات إعلامية متواصلة في القدس من أجل التأكيد على القيم التي وردت في هذه الوثيقة، ونحن في نهاية الأمر لازلنا على يقين أن قيادات شعبنا الفلسطيني المخلصة والحكيمة لن تسمح في يوم من الأيام بجر الحالة الفلسطينية إلى وضع من الفتنة ونحن على يقين أنهم سيحسنون لجم كل محاولات الفتنة من أي جهة كانت سواء صهيونية أو أمريكية. • لن نرحل شعار قديم هل لايزال الشباب الفلسطينيون مقتنعين به، أم أنهم أخذوا يميلون إلى الهجرة، وترك الأرض للغاصبين؟ لاشك أن الجواب محسوم نحن على يقين أننا كشعب فلسطيني أصحاب الحق في هذه الأرض، نحن لم نغتصبها من أحد، نحن قد عشنا فيها أجيالا بعد أجيال متمسكين بحقنا في أرضنا، متمسكين بحقنا في القدس الشريف، متمسكين بحقنا في المسجد الأقصى، نسعى لبناء حاضرنا ونسعى لبناء مستقبلنا في هذه الأرض، ولذلك من الطبيعي أن يتواصل وجودنا وامتدادنا وأن يتواصل تكاثرنا في هذه الأرض وأن تبقى لنا وأن تبقى لأولادنا وأن تبقى لأحفادنا وأن نبقى بإذن الله رب العالمين الحصن الصادق الذي يقف في وجه امتداد السرطان الصهيوني في العمق الفلسطيني أو في العمق العربي أو في العمق الإسلامي. ونحن بإذن الله رب العالمين ندرك أننا يوم أن نصر على هذا الموقف فلن يكون التمسك بهذا الموقف بالمجان، نحن ندرك أن وراء ذلك تضحيات، وشهداء، وسجونا وأيتاما وأرامل وحصارا وتجويعا ومن وراء ذلك مرضى وآلام ومن وراء ذلك المعاناة الطويلة، ولكننا نؤكد مرة بعد مرة أن شعبنا الفلسطيني خلال عشرات السنوات الماضية قد أكد في واقع عمله أنه قد حمل هذه المعاناة متوكلا على الله سبحانه وتعالى ومؤمنا بأن دوام الاحتلال الإسرائيلي هو مستحيل وأن زواله هو أمر طبيعي، وكذلك شعبنا الفلسطيني يؤمن بأن هذا الموقف الذي يقوم به هو ليس انتصارا لنفسه فقط بل هو انتصار للحاضر الإسلامي والعربي بحقنا التاريخي والحضاري في هذه الأرض، وبحقنا الديني في هذه الأرض، وبحقنا وحق أبنائنا وأحفادنا ولحاضرنا ولمستقبلنا. مخططات صهيونية • كيف تواجهون المخطط الإسرائيلي لتفريغ المناطق الشمالية من عرب 48 إلى الجنوب؟ نحن نعاني من سياسة الاضطهاد القومي والديني وسياسة المطاردة الاستخباراتية لحياتنا ومسيرة مؤسساتنا، وكنا في شؤوننا العامة التي تهم كل مجتمعنا الفلسطيني، نحن ندرك أن هذه السياسة العنصرية لاتزال تتمثل في السعي إلى مصادرة أرضنا وإلى السعي إلى هدم بيوتنا ومصادرة حقوقنا الكثيرة ولذلك من مظاهر هذه المعاناة نحن نعاني حتى هذه اللحظات من المؤسسة الإسرائيلية التي لاتزال تصادر أوقافنا الإسلامية والتي تساوي 1/16 من كل مساحة فلسطين التاريخية، والتي مازالت تصر على عدم الاعتراف بحق المهجرين للعودة إلى أرضهم وبيوتهم، والاعتراف بعدم الاعتراف بحق العودة، وترفض الاعتراف بأربعين قرية في الجليل وسبعين قرية في النقب، ومازالت ترفع شعار الترحيل بكل وضوح على ألسنة رجال السياسة والإعلام فيهم، نحن ندرك كل ذلك، لذلك نحن قلنا ولازلنا نتبنى إستراتيجية واضحة وثابة ألا وهي إستراتيجية الصمود حتى نلقى الله. وتسعى المؤسسة الصهيونية للمطالبة بترحيل بعض رجال القدس تحت مبررات لئيمة وخداعة وبشكل خاص يطالبون بترحيل أهالي منطقة المثلث، وهي قطاع واسع لأهلنا، وأنا من أهل هذا القطاع، وتطمح لتهويد الجليل والنقب، وتشكل النقب اهتماما خاصا للصهاينة حيثت تقوم بعمليات هدم يومية لمنازل أهالي هذا القطاع. المرأة الفلسطينية • ما دور المرأة الفلسطينية في مسيرة الرباط والنضال والتنمية التي تعيشونها اليوم؟ للمرأة الدور الكبير في مجالات مختلفة في المؤسسات حيث قامت منذ سنوات مؤسسة «مسلمات من أجل الأقصى» تعمل على جمع قطاع واسع من النساء لمناصرة المسجد الأقصى من خلال جمع التبرعات المالية والإسهام في مشاريع مناصرة المسجد، وتعمل هذه المؤسسة على تنظيم مسيرات واسعة إما لمناصرة المسجد أو مساعدة بعض القطاعات التي تمر بالشدائد والأزمات، وتقيم العديد من المهرجانات والندوات والأنشطة الإعلامية المختلفة. ومؤسسة أخرى تسمى «سند للأمومة والطفولة» وتشرف عليها مجموعة من النساء ذوات المؤهلات العلمية المختلفة في عدد من التخصصات الاجتماعية والحقوقية يسعين للاهتمام بمشروع البيت وهموم الأمومة والطفولة وكل ما يتعلق بها من تفصيلات، ومجلة «إشراقة» وهي مجلة نسائية تهتم بشؤون البيت وتهتم بما يتعلق بذلك من قضايا، ومؤسسة «حراء النسائية» التي تهتم بأكبر عدد من الطالبات بهدف تحفيظهن القرآن الكريم.. • هل من رسالة لإخوانكم في شتى بقاع العالم الإسلامي؟ نحن نؤكد قبل كل شيء أننا نعتز بانتمائنا الإسلامي والعربي، وعند قيام المشروع الصهيوني معلنا الحرب على العرب والإسلام والشعب الفلسطيني، وعلى هذا الأساس فإن قضية فلسطين لم تكن في يوم من الأيام هي قضية للفلسطينيين فقط بل هي قضية العرب والمسلمين، وعلى هذا الأساس فإن مشروع قضية فلسطين لا يجب أن يبقى فقط في الدائرة الفلسطينية يجب أن يكون مشروع المناصرة إسلاميا عربيا وأن تكون مناصرة القدس والمسجد الأقصى هي عبارة عن قضية إسلامية وعربية نحن لازلنا على يقين مع حالة الضعف السياسي والعسكري التي يمر بها الحاضر الإسلامي والعربي، إلا أننا لازلنا على يقين أن الخير في هذا الحاضر قائم ودائم ونحن على يقين أن هذا الحاضر الإسلامي والعربي سينجح في أن يتجاوز حالة الضعف إلى حالة قوة وحالة الفرقة إلى حالة وحدة وأن يتجاوز حالة الوهن إلى حالة عزة بإذن الله.