مثلما توقع العديد من المراقبين قبل انفصال جنوب السودان تفجرت الصراعات القبلية في الدولة الوليدة، ما حدا بالأممالمتحدة لتعزيز قواتها في ولاية جونقلي مطلع الأسبوع الحالي، في محاولة لمنع سفك المزيد من الدماء في أعمال العنف المتبادل بين قبيلتي النوير والمورلي. ورغم تعزيز القوات الدولية وإرسال حكومة جوبا لقوة عسكرية قوامها 3000 آلاف جندي و800 شرطي ما يزال التوتر سائدا في مدينة بيبور، خاصة بعد أن وصلت اليها أمس الأول «الأحد» طلائع حوالى 6000 آلاف شاب يطلقون على أنفسهم اسم «الجيش الأبيض لشبيبة نوير» لملاحقة أفراد قبيلة المورلي. وبحسب ليز غراند منسقة العمل الإنساني في منظمة الأممالمتحدةلجنوب السودان فإن الوضع تسوده بلبلة بعد أن تعرضت بعض منازل ومرافق بيبور للتدمير من قبل المهاجمين الذين يتهمون المورلي بسرقة ماشيتهم. وأفاد بارثيساراثي راجندران رئيس بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» الطوعية أن معظم أفراد الفريق العامل في مستشفى بيبور وعيادتين في المنطقة لجأوا إلى الأرياف بعد أن تعرض المستشفى والعيادتان لأعمال تخريب ونهب. وأشار راجندران إلى أنه منذ بدء المعارك بين القبليتين الأسبوع الماضي نزح معظم سكان المدينة عنها خشية على حياتهم. وكانت الأممالمتحدة دقت ناقوس الخطر في سبتمبر «أيلول» الماضي محذرة من تداعيات سرقات المواشي التي أدت إلى مقتل أكثر من 1000 شخص منذ شهر يونيو (حزيران)، مشيرة إلى أن الأزمة التي ينخرط فيها مهاجمون مجهزون بأسلحة حديثة وهواتف تعمل عبر الأقمار الصناعية، قد تعم البلد بأكمله. وهذه هي المرة الأولى التي تتفجر فيها أعمال عنف بين قبيلتي النوير والمولي بمثل هذه الحدة، حيث كان الصراع يدور في السابق بين المورلي والدينكا «أكبر قبائل جنوب السودان» بسبب اتهام الثانية للأولى بسرقة أطفالها نسبة لوجود نسبة عقم عالية بين المورلي. ويحصد العنف القبلي في جنوب السودان من الأرواح أكثر مما تحصده مشكلة دارفور، لكنه لا يحظى بالتغطية الإعلامية. فقد قدر مكتب الأممالمتحدة عدد ضحايا المعارك القبلية في الشهر الماضي فقط بحوالى 1000 قتيل. وإلى جانب الصراع بين النوير والمورلي يدور صراع آخر لا يقل حدة بين قبيلتي الباريا والمنداري في ولاية الاستوائية، في وقت تواجه فيه حكومة سلفاكير صعوبات بالغة في جمع السلاح من المواطنين بعد انتهاء حرب أهلية دامت أكثر من نصف قرن. الأمر الذي يشكل لها تحديا بالغا لابد لها من حسمه قبل أن تتفرغ لقضايا التنمية في بلد يكاد يكون بلا بنية تحتية.