دعا مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ المسؤولين والخطباء والوعاظ والآباء والمربين ورجال الحسبة والإعلاميين والمحامين والتجار إلى أن يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر، و أن يكونوا قدوة لغيرهم ومتقين الله فيما يعملون ومن تحت أيديهم. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبد الله وسط الرياض وخصصها للحديث عن مفاتيح الخير والشر، : «من الأسباب التي تعين على أن يكون المسلم مفتاحا للخير مغلاقا للشر بعده عن معاصي الله ومحارمه؛ لأنها سبب للشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة». وأضاف «من تلك الأسباب التلطف مع الآخرين والبعد عن العنف وصحبة ذوي الدين والأخلاق الكريمة والنصيحة لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وأن يكون المسلم قدوة صالحة وداعيا للخير». وحض المفتي الآباء على تربية أولادهم التربية الصالحة وأن يغرسوا فيهم الفضائل ويعظموا في نفوسهم فرائض الإسلام، والمعلمين بأن يكونوا مفاتيح خير لتلاميذهم بأن تبدو عليهم مظاهر الخير وينطقوا بالحكمة ويقولوا الخير ويتحلوا بالأخلاق العظيمة والسمت الحسن والأدب الرفيع والانضباط في السلوك والوقت ويؤدوا الأمانة فيكونوا قدوة لطلابهم في مستقبل أعمارهم،داعيا الخطباء والوعاظ أن يكونوا قدوة ومفتاحا للخير وأن يصدقوا الله فيما يقولون ويعملون ويوجهوا المجتمع التوجيه السديد ووعظهم بالكتاب والسنة وتحذيرهم من المخالفات الشرعية، وكذلك رجال الحسبة أن يكونوا متقين لله تعالى، آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر من منطلق الإحسان والرحمة والشفقة لا الفضيحة والنكاية أو لأغراض نفسية، دافعهم لذلك حب الخير والحرص على صلاح المجتمع وحماية الأخلاق من الرذائل ودعاة السوء فيكون بذلك الآمر بالمعروف مفتاحا للخير همه إصلاح المخطئ، يبين خطأه ويقيم الحجة عليه بأن يعلمه أن عمله سيء ويدعوه للخير والصلاح. وطالب آل الشيخ رجال الإعلام بأن تخط أقلامهم فيما فيه الخير ويعالجوا القضايا بغرض إصلاح المجتمع ليقرأ مقالاتهم كل من يستفيد منها فيعلم الجاهل ويوقظ الغافل ولا يكتب باطلا ولا سوءا ولا إجراما ولا يعادي الإسلام بقلمه، وإنما ينصر الحق ويدحض الباطل ويصدق في عمله، يتبنى الإعلام ليجعله وسيلة للدعوة إلى الخير والإصلاح،وقال: «إن التاجر المسلم يؤدي حق الله عليه في ماله ولا يغش أو يخدع ولا يحرص على الإتيان بالنساء ليجعلهن في وجوه الرجال يمارسن البيع والشراء تحت أي ذريعة يدعو لها المغرضون والحاقدون على الأخلاق الإسلامية الذين يتخذون مما يزعمون بأنها مستلزمات نسائية ليوظفوا النساء في وجوه الرجال، يختلطون بهن ويخاطبوهن بلا حياء ولا خجل».وأضاف «التاجر المسلم لا يرضى بذلك؛ لأنه يعلم أن ما يترتب على ذلك من مصائب وانحلال في القيم والأخلاق هو متحمل لأوزارها وآثامها فليتق المسلم ربه ويراقبه وليعلم أن التساهل في هذا الباب وجلب النساء ليكن في وجوه الرجال يحاسبن الباعة ويخاطبنهم بلا ضرورة تدعو لذلك إنما هو جرم وخطأ ومخالف للشرع». وزاد المفتي «إن رجال الفكر يدعون للخير فيما يطرحون من قضايا ويعالجون المشاكل في حاضر الأمة ومستقبلها، وصاحب المسؤولية يحمي من يعملون تحت يده من التساهل في الأموال العامة ويحذرهم منها ويخبرهم أن ذلك من الفساد والضلال، وأن من اؤتمن على المال العام فإن الله محاسبه لأنه لو أخذ منه فإنه غلول وأنه سيحاسب عن تساهله فيها يوم القيامة فيأخذ على من تحته ويخبرهم أن الأمانة الوظيفية تقتضي من المسلم الأمانة والإخلاص»،وحذر آل الشيخ المستشارين من الإشارة إلا بالخير والابتعاد عن الشر والبلاء فتكون مشورتهم مبنية على الغيرة لله ثم على وطن الإسلام وأبناء المسلمين، كما حذر المحامين من الإقدام على الترافع في المحاكم بأي دعوى إلا وهم متأكدون من سلامتها وصحتها وحقيقة الأمر، مضيفا «أما يقدموا مهما تكن الظروف لتبرير المواقف ولو على ظلم الآخرين فتلك خيانة لا أمانة». من جانبه، أكد المحامي مطلق بن سعود الفغم أن على المحامين أن يكونوا مدافعين عن الحقيقة وفق ما شرعه النظام وألا يختلقوا الأسباب الوهمية لموكليهم لغرض تضليل الحقيقة، داعيا زملاءه إلى نقل حجج موكليهم ومواقفهم بالأمانة ويدافعون عنهم بما هو موجود لا أن يختلقوا لهم الأعذار، مبينا أن دور المحامي لخلق التوازن مع المدعي العام الذي يمثل المجتمع أو الحق العام. أما المستشار الإعلامي وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور ياسر الشهري، فقال: لعل دعوة المفتي لرجال الإعلام والفكر والثقافة أن يكونوا مفاتيح للخير معنى مهم يتطلب العودة إليه ومراجعته وهو مدى استقلالية إعلامنا من أية تبعية لغير القيم العظيمة التي نؤمن بها فهي التي تحدد الخير من الشر. وأضاف لتحقيق ذلك يجب أن يعتمد الإعلام المؤسسي والفردي على الرؤية الإسلامية للحياة ومنهجها في التعامل مع التفاعل البشري، وأن تتوازن الوظائف التي يقوم بها فلا تطغى وظيفة على أخرى، ولا تسيطر المصالح الجزئية على المصالح العامة، إن نجاح الإعلام في ظل المتغيرات الاتصالية المعاصرة يتطلب ارتباط الإعلام بمجتمعه، حاجاته وتطلعاته وهمومه ومشكلاته.