التعديل الوزاري الكريم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين قبل أيام هو تعزيز لروح الدولة الذي يسعى إلى الرقي بخدمة المواطن وضخ دماء جديدة تحمل معها رؤى وأفكارا متطلعة. ووزارة الاقتصاد والتخطيط بعد ضم جناح الاقتصاد إليها تبقى من أكثر الوزارات راحة على الأقل من أولئك الجمهور الذين يتدافعون إلى باقي الجهات والوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى. وزارة الاقتصاد والتخطيط البعض لا يعرف مقرها ولا حتى الأعمال المناطة بها. من طرائف هذه الوزارة وغرائبها أنه قد ضم إليها الجانب الاقتصادي للدولة وتم تغيير مسماها إلا أن لوحتها الخارجية لمبناها بقيت عدة سنوات بعد الأمر بمسمى «وزارة التخطيط فقط» لا أدري أهو عدم اعتراف وصيرورة إلى الأمر الملكي بتغيير مسماها وضم الاقتصاد إليها أم هي اللامبالاة والقصور اللذان يشكو منهما المواطن حتى في الوزارة «المسترخية والنائمة»، حتى تم أخيرا تعديل اللوحة الخارجية بعد سنوات من اللامبالاة. أحد الزملاء حضر اجتماعا في الوزارة مؤخرا، وطلبوا تصوير اجتماع لجنة انعقدت هناك فارتفعت كاميرات الجوالات، وسألهم ألا يوجد لديهم جهاز أو إدارة علاقات عامة تكون من مسؤوليتها وجود كاميرا وتوثيق الاجتماع إعلاميا. فكان الجواب لا يوجد !!! معالي الدكتور محمد الجاسر الخارج من عباءة وزارة المالية المناط بها الاقتصاد ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أمامه مهمة ليست صعبة في الحقيقة، لكن مبتداها أن يفهم المواطن ما هي وزارة الاقتصاد والتخطيط وما مسؤولياتها ومن ثم تقوم بأمانتها. التقرير السنوي الذي تمت مناقشته من قبل مجلس الشورى عن أداء الوزارة كان محبطا، فهي بحق لا تقدم أدنى واجبات الكفاية في عملها ومسؤولياتها. أما التحدي الآخر أمام الدكتور الجاسر فيتمثل في تمكين الوزارة من الحصول على المعلومات والإحصاءات اللازمة لأداء المهمات المناطة بها. وإذا كان من أولى مسؤوليات الوزارة إعداد الخطط الخمسية للدولة فإنه لا يقل عنه أهمية تزويد المؤسسات الاقتصادية الخاصة والمنتديات الاقتصادية والغرف التجارية بتلك الخطط. المملكة العربية السعودية أمامها تحديات عديدة، فحجم الإنفاق كبير والاعتماد على مصدر واحد للدخل المتمثل في النفط يمثل تحديا آخر، والمساحة الشاسعة والتوسع المكاني والسكاني جميعها تفرض إعداد خطط دقيقة مبنية على دراسات شاملة تكشف عن النمو للناتج الوطني بالإضافة إلى إيضاح نسب البطالة والتضخم وتقديم مؤشرات اقتصادية دورية أسبوعية وشهرية. المملكة العربية السعودية هي أكبر اقتصاد عربي وهي إحدى دول العشرين، والمتأملون لواقع الاقتصاد الوطني يشعرون بضبابية وعدم وضوح مما يستدعي على الوزير الجديد أن يفتح هذه الملفات على عجل. فخادم الحرمين الشريفين لا يطيق التسويف أو التساهل، والمواطن له مكانته الخاصة التي يجب أن يشعر بها المسؤولون الجدد. من التحديات الهامة التي سوف تواجه الدكتور الجاسر إزالة تلك الذهنية القائمة لدى كثير من المواطنين وخصوصا الشباب من أنه ليس لدينا خطط فعلية مستقبلية وأننا كما يردد البعض نسير «بالبركة» فحسب وأن البطء في تنفيذ المشروعات التنموية نتيجة لسوء التخطيط الذي ينخر في عدد من الجهات الحكومية. المؤكد أن الاهتمام بالاقتصاد السعودي يتزايد يوما بعد يوم والخطة التنموية التاسعة تحمل معها تطلعات عديدة تحتاج معها إلى نظام فاعل لتنفيذها. كما أن الاستراتيجية الوطنية للشباب التي قدمتها الوزارة ما زالت غائبة وبحاجة أن يتم الاطلاع عليها من الجهات ذات العلاقة بل والمواطن كذلك. كان من اللافت أيضا أن وزير الاقتصاد والتخطيط كان ذاته هو من يتحدث عن التحديات التي تواجه المملكة في السنوات القادمة إبان تقديمه للتقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي مؤخرا. نحن أمام ميزانية جديدة للدولة لا بد فيها من إدراك تلك التحديات والعمل وفق خطط دقيقة للنهوض بالواقع التنموي للمجتمع السعودي، فهل نرى التخطيط لاقتصادنا مع ميزانيتنا. [email protected] فاكس : 014645999 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة