أفتى نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عضو المجامع الفقهية وزير العدل الموريتاني السابق الدكتور عبدالله بن بيه بجواز تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، وتلبية دعوتهم لحضور أعيادهم، مستشهدا برأي شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه القضية، مطالبا بإنزال الواقع الجديد على حياة المسلمين اليوم. وقال ل «عكاظ»، إن «مسائل التهاني لغير المسلمين، اختلف فيها الناس، وهناك من يرى جوازها، وأيدها الشيخ ابن تيمية في رسائله، وهي للمصلحة، وعلى هذا الأساس تكون التهنئة للمسيحيين جائزة، وهي من المسائل المختلف حولها، التي ينبغي ألا تثير التباغض والتدابر بين الناس». وشدد ابن بيه على أن المصلحة تكمن الآن في التحالف مع الذين يحكمون قيم الوئام والسلام وترك الخصومة، فالمطلوب الآن إنقاذ البشرية من ويلات الحروب. وأضاف «يقدر بعض الناس مصلحة قد لا يقدرها الآخر، فبعضهم لا يرى ما يمنع التهنئة بناء على انعدام الأدلة، وينادي باتساع الصدور، ومشكلتنا في العالم الإسلامي عدم اتساع الصدور للمسائل الخلافية». وتابع «نحن ننصح أن يتعلم الناس الاختلاف وأسباب الاختلاف، وهناك أسباب كثيرة، منها ثبوت النص ومعقول النص ودلالة النص». واستدل الدكتور ابن بيه في دفوعاته بتزكية الرسول صلى الله عليه وسلم لحلف الفضول، وهو حلف عقد في الجاهلية قال عنه الرسول «لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت. تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها، وألا يعز ظالم مظلوما». كما أن أغلب المفسرين فسروا آية «وتعاونوا على البر والتقوى» بأنها ليست مقتصرة على المسلمين فقط، متكئين على ما قبلها «لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى»، وعلينا كمسلمين أن نستوعب هذه المعاني، دون أن نقدم أي تنازل عن ديننا. ولا يعتبر ابن بيه من أقدم على تهنئة المسيحيين متنازلا عن دينه. وحول حكم تلبية دعوة غير المسلمين كالمسيحيين بحضور أعياد ميلادهم قال ابن بيه «رأيي في هذه المسألة هو في سياق الحديث عن الأقليات وأوضاعهم الخاصة، فعليهم أن يندمجوا في مجتمعاتهم بما لا يذيب شخصيتهم وهويتهم، وليس في هذا الأمر حد معين، لأن الأعياد خرجت عن كونها دينية إلى أن أصبحت جزءا من العلاقات الإنسانية». وشدد ابن بيه على أن أمر المشاركة في هذه الأعياد معقود ب «النية»، إذا لم يكن القصد مشاركة دينية، إنما من باب المصالح وتأليف القلوب. وأضاف «ليس هناك نص من الشارع يحرم ذلك، لكن المشاركة في الطقوس أو الصلاة معهم هو الأمر المحرم الذي قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر». ويؤكد ابن بيه أن مشاركتهم بالحضور وتقديم الهدية لهم هو «أمر جائز، كون مناسبات أعياد الميلاد خارجة من إطارها الديني»، لكن إهداء شجرة الميلاد، بحسب رأيه، «محرم، لأنه تشبه بهم». ودعا نائب رئيس اتحاد علماء المسلمين علماء الأمة إلى «تحقيق المناط»، وهو إنزال الحكم على الواقع الجديد، فالمسلمون في فرنسا تحكمهم هوية «المواطنة» وليس الدين، مستشهدا بقول ابن القيم: «من لم يحقق المناط على الزمان والمكان فقد ضل وأضل».