دعا المشاركون في ندوة (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني) في ختام أعمالهم البارحة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى ضرورة العمل على تبني استراتيجية شاملة في نشر المنهج السلفي الحق، وتنقيته مما ألحق به وحمل، وذلك من خلال تأصيل المنهج السلفي في المقررات الدراسية لما لذلك من آثار في القناعة المؤصلة التي تحقق الحصانة من الانحراف والشبهات التي تثار ضد المنهج، والتأكيد على غرس وتنمية الانتماء للوطن على اعتباره مفهوما سلفيا له آثاره الممتدة وقاية وعلاجا، واستخدام تقنيات التعليم في المقررات الدراسية للتحذير من الانحراف عن نهج السلف وانتهاج الغلو والتكفير والخروج على ولاة الأمر، وإصدار عمل موسوعي يتم فيه عرض منهج السلف الصالح بلغة علمية موضوعية شاملة تخاطب كافة شرائح المجتمع، ويتم توفيره بلغات مختلفة تحقيقا للبعد العالمي، والإفادة من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وعلى الأخص الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي لبيان حقيقة المنهج وتخليصه من المفاهيم الخاطئة، لا سيما أن هذه هي اللغة المعاصرة التي تخدم شرائح كبيرة من النخب وغيرهم. وأوصى المشاركون في الندوة باستقراء الشبهات التي يوردها معارضو المنهج عبر الخطابات المتنوعة، ثم الرد عليها بالحجة والدليل والبرهان الشرعي والعقلي المقنع، وصياغتها في قالب سهل ميسر بحيث لا تبقى في مستوى النخب والخاصة، ونشر هذه الجهود العلمية على أوسع نطاق حتى يستفيد منها الجميع، ويدركوا بوضوح الأبعاد الحقيقية وراء الهجوم على المنهج. وقدر المشاركون الدور الذي تضطلع به المملكة في تقديم هذا المنهج بصورته الحقيقية، ورؤيته الوسطية التي تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم، وتفي ولا تغدر، وتحقق السلم والأمان، وتحارب الغلو والتطرف والإرهاب ومظاهر العنف وكل مهددات الوحدة الوطنية والسلم العالمي من خلال واقعها المعاش، وتعاطيها مع الأحداث والمتغيرات العالمية. وأشاد المشاركون بما تنتهجه المملكة وما سارت عليه منذ تأسيسها على يد المؤسس الأول، ومرورا بعهد الموحد الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وامتدادا لذلك في عهد أبنائه البررة من منهج سارت فيه على تطبيق الكتاب والسنة على نهج سلف الأمة في الحكم والسياسة خصوصا وفي شتى مناحي الحياة، ويؤكدون أن ما تعيشه من أمن وأمان واطمئنان وخيرات وبركات، ووحدة وألفة ولحمة بين الراعي والرعية يعود إلى التمسك بهذا الأساس الثابت، وهي بهذا أنموذج عالمي يحتذى، وصورة مثالية تحقق مقومات البقاء. ونوه المشاركون في الندوة بالمبادرات التي تبناها خادم الحرمين الشريفين في التواصل والحوار بين أتباع الديانات والثقافات، ودورها الريادي في تقديم الصورة المثلى عن الإسلام وقيمه، في منهجه الوسطي السلفي الذي تبنته هذه المملكة، كما يؤكدون على انتهاج الحوار في التأصيل والطرح والمعالجة. وأيدت الندوة ما اتخذته المملكة من إجراءات وأساليب فكرية وأمنية وقضائية في مواجهة التطرف والإرهاب والتكفير والتفجير، تلكم المظاهر التي لا تمثل منهج السلف، ويرى المؤتمرون أنها خطوات تنهج المنهج الشرعي المبني على رعاية المصالح، وإحقاق العدل والإعذار إلى الله. ورأى المشاركون أهمية دراسة كلام علماء السلف، وتحرير السياقات وفهم النص على ضوئه لئلا يحمل كلام السلف ما يحتمل من فهوم خاطئة، يؤسس عليها مناهج منحرفة. ونوه المشاركون بما ورد في خطاب صاحب السمو الملكي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز للندوة من مضامين سامية ومعان جليلة وتأكيدات مهمة في هذا الظرف الحساس، ودلالات تعد ركائز لهذا المنهج القويم، وأوصوا بأن يكون الخطاب وثيقة من وثائق الندوة. وطالب المشاركون في الندوة العناية بالشباب، وربطهم بالعلماء الربانيين، وتنشئتهم على حفظ حقوقهم، والصدور عن رأيهم، تحقيقا لحصانتهم من كل فكر منحرف ومبدأ دخيل ينأى بهم عن نهج السلف. ودعا المشاركون بإنشاء مركز عالمي خارج المملكة، إما في الدول الأوروبية أو الأمريكية أو الآسيوية، تشرف عليه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تحت مسمى (مركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات السلفية. ودعا المشاركون على تعزيز دور الجامعات الإسلامية السعودية لقيامها على المنهج السلفي، وذلك بزيادة أعداد المنح من منظومة الدول كوسيلة من وسائل نشر هذا المنهج القويم. وأكدت الندوة على على تحمل المسؤولية الكاملة تجاه حماية المجتمع عموما، والشباب خصوصا من المؤثرات التي تعتمد العاطفة وتنأى بهم نهج السلف وتخل بتلاحم الوطن ووحدته، وتؤثر في تماسكه بمنع كل الصور والتصرفات والسلوكيات، وتوحيد جهة الفتوى في القضايا التي تمس أمن المجتمع، وتماسك الأمة، أو تؤدي بها إلى الحرج، أو بمصالحها إلى الضرر. ورأى المشاركون ضرورة الانتقاء والاختيار لمن يتولون الدعوة والتوجيه والإرشاد وفق ضوابط معينة تحدد من الجهات المسؤولة، بحيث لا يتولى هذه المنابر إلا من عرف بالوسطية والاعتدال وسلامة المنهج وصحة المعتقد والبعد عن نزعات الغلو والتطرف، وأن ذلك من أهم أدوات التوجيه والتوعية والإرشاد بهذا المنهج. كما أوصى المشاركون على إنشاء مراكز بحثية ودعم كراسي متخصصة في المملكة وخارجها، لتقديم الصورة المثلى عن المنهج السلفي وتنقيته مما ألحق به. وسجل المشاركون في الندوة شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية على تبنيهم لهذه الندوة وما وجهوا به من استضافة المشاركين عبر هذه الجامعة. يشار إلى أن الندوة أقيمت بحضور مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل ووكلاء الجامعة وعدد من عمداء الكليات والعمادات المساندة وجمع من الباحثين والمتخصصين في العلوم الشرعية في مبنى المؤتمرات بالمدينة الجامعية.