اتجهوا للعمل كموظفي استقبال في المستوصفات الطبية الخاصة، لم تثنهم عن هذا الاتجاه قلة المردود المادي الذي يتقاضونه مقابل ساعات عمل كثيرة، ومن أصحاب المستوصفات من يعدهم كوادر فاعلة ويدعمونهم بكل الأشكال، ومنهم من يعتبرهم مجرد أرقام تستكمل نسبة السعودة المطلوبة من وزارة العمل. «عكاظ الشباب» التقت عددا من الشبان العاملين في المستوصفات الخاصة في عرعر، شبان بدأوا يلفتون إليهم الأنظار بتواجدهم والجهد الذي يبذلونه في المهام المناطة بهم، تحدثوا عن ممارسات غريبة ومفارقات عجيبة ذات أبعاد اجتماعية ونظامية، ومعاناة يعيشونها صباح مساء في سبيل الاحتفاظ بأعمالهم التي تؤمن لهم حياة كريمة: يقول إبراهيم خليف العنزي، وهو شاب حاصل على الشهادة الثانوية، ولكن من الواضح أن إدراكه وثقافته يوازيان ثقافة الحاصلين على شهادات أكبر «أعمل براتب 1500ريال فقط ولعشر ساعات في اليوم، ومعاناتنا الكبيرة أنا وزملائي تكمن في طريقة تعامل بعض المراجعين للمستوصف معنا، والتي نجدها معاملة غليظة مشوبة بعدم التقدير أو الاحترام، والبعض يعاملنا ك(خدم) في حين يتعاملون مع غيرنا من الأخوة الوافدين بكل تقدير، ونحن لا نريد غير الاحترام فقط والتعامل الجيد ومنحنا الثقة». نظرة غريبة أما محمد صالح عيد المعتق، وهو شاب حاصل على دبلوم سجلات طبية ولديه خبرة إدارات حسابات وشهادة حاسب آلي، قال أيضا «راتبي الشهري لم يزد عن 1500ريال، رغم أن العقد هو 1800ريال، ولا أدري أين يذهب الباقي»، ويوضح «أشعر بأن نظرة المجتمع لنا غريبة وتختلف عن نظرته للعامل المقيم، ولذلك أطلب من وزارة العمل متابعة أوضاعنا والعمل على رفع رواتبنا وإلزام الشركات والمؤسسات بتقديم الحد الأدنى من الراتب»، مشيرا إلى أن معاناتهم كبيرة «بعض أصحاب المستوصفات الخاصة يهدفون إلى الربح المادي فقط وينظرون إلينا على أننا مجرد أدوات ويمكنهم استغلالنا على مدار الساعة». رواتب تتناقص ومشعل بن فهد الحبلاني، الذي عمل سابقا في أحد المستوصفات الخاصة، فيما يعمل حاليا معلما في المرحلة الثانوية، قال عن تجربته في المستوصف الخاص«كنت أعمل براتب 1500ريال وعامل النظافة الذي يعمل معنا كان يتقاضى نفس المبلغ، ورغم ذلك كان الراتب يتناقص كل شهر بسبب الخصم الذي يطوله»، مؤكدا «كان المدير الذي يشرف علي وزملائي ذلك الوقت، وهو مقيم من جنسية عربية، يعاملنا بقسوة وشدة ويحسم علينا لمجرد التأخر لعدة دقائق». ويضيف الحبلاني «السعودة التي يتحدثون عنها باتت هدفا لتطفيشنا، بدليل أن المدير المقيم المشرف علينا كان يردد دائما: لم نضعكم هنا إلا من أجل السعودة». أخشى الطرد عبد الرحمن بن وادي الرباعي، شاب وصف العمل في المستوصفات الخاصة ب(المأساة)، وشرح قائلا «هل تصدق أن راتب عامل النظافة الأجنبي أكثر من رواتبنا، فهو يتقاضى 1000ريال، بينما نتقاضى نحن أحيانا 800ريال، وأقول هذا الكلام وكلي أسف وأخشى أن يقرأ صاحب المنشأة هذا الكلام فيطردني»، وتساءل: هل تقبل وزارة العمل بهذا الوضع؟ وأين هم منا ومن ما نعانيه؟. محاولات الإنصاف وعلى طرف نقيض، تحاورنا مع عدد من الشبان السعوديين ممن رواتبهم مرتفعة وتتجاوز الثلاثة آلاف ريال في أحد المستوصفات: عبدالله بن شلال، حاصل على الثانوية العامة وخبرته تجاوزت السنة، أكد تقاضيه 3 آلاف ريال راتبا شهريا، وأكد «أعمل على فترة واحدة، ولكن هذا يرجع لتقدير مالك المستوصف الذي يقدر عملي ولمس حرصي على العمل وهو يحاول إنصافنا دائما»، وعن أغرب ما يصادفه قال «نوعيات من المراجعين المزعجين، فالبعض منهم يعتقد أنه من الممكن أن يهينك لأنه يراجع بفلوسه وهذا أمر سيئ». أما زميله بسام مكمي العنزي، الحاصل على دبلوم في التقنية، يحصل أيضا على نفس الراتب 3000 ريال في الشهر، ولكن خبرته تجاوزت الثلاث سنوات «بالنسبة للراتب فإن ذلك يختلف من مالك مستوصف إلى آخر»، وأضاف متسائلا «لماذا يغيب صندوق الموارد البشرية عنا؟ حتى أنه لا يوجد له فرع في منطقتنا». نواف مرضي العنزي، وهو موظف يحصل على راتب 1500 ريال، قال إنه موعود برفع الراتب من قبل مالك المتسوصف «ولكن ما يزعجنا فعلا هو غياب صندوق الموارد البشرية عنا تماما، إضافة إلى أن ما يريده موظف المستوصف الخاص أن يكون المسئول عنه هو مالك المستوصف السعودي وليس أحدا غيره». السعوديون للاستقبال حرصت«عكاظ»على أن تستشف رأي أحد ملاك المستوصفات الخاصة حول قضية الموظفين السعوديين، حيث قال نايف الذايدي عضو مجلس منطقة الحدود الشمالية سابقا وصاحب مستوصف طبي، أن في مستوصفه أكثر من عشرة موظفين سعوديين وسعوديات «ولا يمكن أن أقبل في الاستقبال تحديدا غير السعوديين»، سألناه عن رواتبهم أجاب « إسألوهم، ورواتب عدد منهم يتجاوز الثلاثة آلاف ريال»، مؤكدا «الموظف السعودي هو الذي يفرض نفسه»، مشددا «نعم يواجهون معاناة أحيانا، ولكننا أيضا نريد الموظف الجيد والحريص ووفق ما لدينا من إمكانات يتم رفع رابته». وأكد الذايدي أن صندوق الموارد البشرية«بالفعل غائب وسبق وأن رفعت لعدد من الموظفين من أجل مساعدتهم من قبل الصندوق ولكن لم يصلني رد حتى الآن، كما أن عددا منهم حاولوا عن طريقهم ولم يحصلوا على أية نتيجة». مشكلات يواجهها موظفو المستوصفات الخاصة: قلة الرواتب في حين أن غيرهم من المقيمين يحصلون على الضعف. عدم متابعة مكاتب العمل لهم والمحاولات المستمرة ل «تطفيشهم». لا يحصلون على مكافآت نظير جهدهم وعملهم الإضافي. افتقاد الثقة بهم من قبل رب العمل السعودي على العكس من غيرهم. عدم احترام المواطنين لهم والنظرة الغريبة تجاههم. غياب صندوق الموارد البشرية عنهم. تواجد جيد للتأمينات الاجتماعية