فاجأ خادم الحرمين الشريفين الجميع بمبادرته لضرورة تحول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى اتحاد سياسي. وحسنا فعل الزعماء الخليجيون المجتمعون في قمتهم الثانية والثلاثين بدعمهم لهذا المقترح وتشكيل لجنة ممثلة لجميع الدول الأعضاء لتقديم تقرير إلى القمة الاستثنائية التي ستعقد في شهر مايو المقبل تتضمن تفاصيل وآليات تنفيذ مثل هذه المبادرة. يذهب بعض المحللين إلى أن التطورات السياسية في المنطقة هي التي قادت زعماء الخليج إلى تبني مثل هذا الاقتراح، ولكن هذه المبادرة جاءت في لحظة تاريخية معينة وبناء على مطالب شعبية بتطوير أطر التعاون بين الدول الأعضاء في المنظومة الخليجية. فلقد شهدت تجربة التكامل المتوازي بين الدول الأعضاء في الأنظمة والقوانين والسياسات المتماثلة حدا يتحول فيه هذا التراكم الكمي عبر الزمن إلى تطور نوعي، وبروز مستويات جديدة تتعدى المستويات السابقة في بناء المؤسسات وتشريع القوانين والأنظمة، وتبني السياسات الواحدة، في هذه المرحلة، بدلا من السياسات المتوازية في المرحلة السابقة. ومثل هذ التغير النوعي سيمثل طفرة مهمة في تاريخ التكامل السياسي والاقتصادي بين هذه المنظومة المتميزة في لحظة تاريخية هامة. وستكون رؤية إنشاء هذا الاتحاد مرتكزة على تلبية مطالب المواطن الخليجي في المشاركة السياسية، والموازنة بين متطلبات الوحدة والمحافظة على بعض معطيات السيادة الوطنية للدول الأعضاء. ولا يكفي القول بأن الكيان المستقبلي الوليد سيكون اتحادا كونفدراليا، أو فدراليا، بل من الممكن القول بأن المؤسسات المكونة لهذا الاتحاد ستوازن بين المطلبين السابق ذكرهما. وهذا يعني أن يتكون الاتحاد الجديد من أربعة أذرع، برلمان خليجي منتخب ممثلا لتعداد السكان في كل دولة خليجية، وهيئة اتحادية يمكن أن تكون نواتها الأمانة العامة لمجلس التعاون القائمة حاليا، والتي اكتسبت خبرة طويلة عبر الثلاثين عاما الماضية في صياغة آليات تنفيذية متناغمة مع المتطلبات الخاصة بكل دولة عضو، وثالث هذه المؤسسات هو مجلس وزراء مشترك أو هيئة سياسية تمثل الإرادة السياسية لكل دولة عضو، وتضع الخطوط العريضة لعمل الأمانة العامة، ورابعها بنك مركزي يشرف على المصروفات والميزانيات، ويكون مسؤولا في المستقبل عن إصدار العملة الخليجية المرتقبة. وربما لن تتحمس جميع الدول الأعضاء إلى الانخراط في جميع المؤسسات المقترحة، خاصة في البنك المركزي الخليجي، ولكن عضوية جميع الدول الست في المؤسسات الثلاث الأولى أمر قائم بالفعل بشكلٍ أو بآخر، ولكن يمكن تأطيره بنظام تقاسم للعمل في مؤسسات الاتحاد الجديدة. ولاشك أن الدرس المستفاد هو أن نجاح التجربة السابقة للتعاون هو الذي قاد إلى تبني هذه الخطوة المميزة لرفع سلم التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، والنجاح، كما يقال، يقود إلى نجاحٍ جديد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة