«والصلح خير» و«الترويكا» بالروسية هي عربة خفيفة تجرها ثلاثة جياد أصيلة. وقد استخدم مؤخراً هذا المصطلح كثيراً في حل الأزمات العظيمة والبسيطة. وكانت لها حلولها الإبداعية لأنها تتميز بحاسة الاستماع المركز. ولو تم السؤال هل سبق أن كرهت شخصاً استمع لأفكارك بتركيز وباحترام؟ ولو سألنا بصورة أخرى هل سبق أن أحببت شخصاً لم يرد أن يستمع إليك؟ الجواب بالتأكيد: لا. أحياناً ننشغل بهموم أولوياتنا المؤسسية والشخصية عن أكثر الهموم أولوية لدى الآخرين، مما يولد الكثير من المشاعر المحبطة ويزيد من تفاقم الأمور. وإن أسهل طريق لكي تكسب بغض أي أحد هو ألا تعير أي انتباه لمشكلاته، والأكثر بعداً أن تسمع له ثم تكون أقسى من أن تفكر ملياً في بذل الجهد في مساعدته. والأكثر من هذا وهذا هو «مظاهر الوقوف» و«بواطن عكس الظواهر». إن أكثر الأشخاص خجلا ونفوراً سيتحدث إليك عندما تلتفت له بكليتك. ويكون لك رصيد مصداقية في الوقوف مع غيره. «الترويكا» هي إحدى المبادرات «البريئة» للنهضة والتي بإمكانها الاحتساب لتطرح عدة أسئلة «ماذا تريدنا نفعل؟ وماذا حدث بعد؟ وهل أنت راض عما تم؟ هل بالإمكان عمل شيء آخر؟ هل ستعذرنا بعدها؟». لا تقل إن المشكلات من صنع الآخرين وهناك جهة موكولة لها حلها، بإمكانك أن تتعامل بروح مبادرة تتجسد فيها معاني الأخوة الإيمانية. يقول بولكارلسون مدير علاقات الموظفين «عن الإنصات إلى تظلمات الموظفين واحداً من أهم مسؤوليات كل شخص في مركز الإدارة». الترويكا دائما محببة لأنها كثيراً ما تقوم على المبادرات الأخوية الإصلاحية الخالية من الحسابات الخاصة. ولكنها لا تسلم غالباً من المواقف السلبية والتوهمات من الطرفين، وكل طرف يتذاكى عليها ظناً أنها «لعبة شرعت» من الطرف الآخر. ولا تسلم من طرائف ومنها ما روي عن ابن اختنا عمرو بن العاص أنه وفد إلى مسيلمة، فقال مسيلمة: ماذا أنزل على صاحبكم في هذا الحين؟ فقال عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة «والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر». ففكر مسيلمة ساعة ثم رفع رأسه فقال: ولقد أنزل علي مثلها، فقال عمرو: وما هي؟ فقال مسيلمة «يا وبر يا وبر، إنما أنت إيراد وصدر، وسائرك حفر نقر». ثم قال: كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب. انتهت الطرفة. ومعها ابتسامة. وعلى هذا جرى التوقيع.. ولننهض في لقاء آخر.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. * القاضي في المحكمة العامة في تبوك. [email protected]