هم مجموعة شبان يعملون في ورشة تتبع مؤسسة خاصة في مستوى يكفل لهم العيش والكفاف، يصنعون مستلزمات إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير، يشكلون بأيديهم مواد ( خام ) لتخرج في النهاية كتابا، أو كرسيا أو طاولة يستفيد منها طلاب التعليم العام. وهؤلاء الشبان أيضا، على قناعة تامة كما عبروا لنا بقوة الرابط بين كرسي طالب العلم والوطنية، وأن التعليم هو الأساس في غرس بذور حب الوطن والمحافظة عليه، وفي ذات الوقت، لديهم مطالب في تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية. ناصر ، واحد من الفنيين الذين يعملون في هذه الورشة الصناعية، بادر بقوله « نعمل منذ أكثر من خمس سنوات لدى مؤسسة متعاقدة مع إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير، و أنا وزملائي حاصلون على الثانوية العامة، وطالبنا إدارة التربية والتعليم بالتعيين الرسمي قبل سنوات وتم تعيين الكثير من الموظفين فيما لا نزال ننتظر الوظيفة التي تجاوزتنا إلى غيرنا، وسبق أن سافرنا للرياض وزرنا مقر الوزارة باحثين عن مخرج لعلنا نجد حلاً، ولكن الوظيفة أصبحت بالنسبة لنا حلما نعيش ليله لنستفيق صباحاً بالعودة إلى وظيفتنا في المؤسسة المتعاقدة مع الإدارة والتي لا يغطي راتبها ولو جزءاً يسيراً من احتياجات أي مواطن، أنا مثلا أتقاضى ألفا وخمسمائة ريال وهذا المبلغ لا يقترب ولو قليلا من الحد الأدني للأجور، فما إن تمضي أيام قليلة من الشهر إلا ونضطر إلى الاستدانة لسد حاجاتنا وراتب الشهر الآخر نسدد به دين الأول وهكذا». سعد الأحمري (فني نجارة في ال25 من عمره)قال إنهم تلقوا العديد من الوعود بالتثبيت في أقرب فرصة، «لكنها تذهب لغيرنا حال وجودها، راتبي 1200 ريال على الرغم من إنني خريج المعهد المهني ونؤدي أعمالنا بكفاءة ومهنية عالية، ونصنع المستلزمات الدراسية داخل المملكة بأيد سعودية وانتزعنا مسمى دهان ولحام ونجار وفني طباعة بكل جدارة، ونحن مستمرون في عملنا رغم أن الراتب الذي نتقاضاه لا يوازي إرهاق العمل، وعندما زرنا الوازرة في الرياض أشير لنا بأن مدير الإدارة في منطقة عسير يملك صلاحية التعيين، وعندما نراجع الإدارة يقال لنا غير ذلك». ويتابع سعد «لو أتيحت لي فرصة الانتقال لعمل آخر لفعلت ومع ذلك أطالب بحقي في التوظيف كوني أمضيت خمس سنوات وأنا أخدم إدارة التربية والتعليم في منطقتي وخبرتي تؤهلني للحصول عليها، ومن المفترض بالمسئولين أن يقدموني وزملائي على الموظفين الذين تم تعيينهم مؤخرا ولا يملكون الخبرة، ولكن عنصر الكفاءة مغيب في عملية الاختيار» ، ويستطرد «نمضي شهرنا بالدين بسبب الراتب المتدني الذي نتقاضاه، وأتمنى أن أتزوج ولكن حلم الارتباط اصطف بجانب حلم التعيين ولا يزال مؤجلا». تركي القحطاني (فني نجارة) قال في ذات السياق «وعدنا مدير إدارة التربية والتعليم ومدير شؤون الموظفين لأكثر من خمس سنوات بالوظيفة، ونحن نرى أن الوظائف تطرح تباعا ويفوز بها غيرنا لنظل نحن على قائمة الانتظار التي طال وقتها، أتمنى الحصول على وظيفة تكفيني عناء البحث مع أني ما زلت أكمل دراستي في المساء وأحاول التوفيق بين العمل والدراسة ومتزوج ولدي طفلة، وراتبي 1200 ريال وبعد المطالبة بالزيادة أضيفت إليه 30 ريالا فقط!» ، مطالبا بالتعيين الرسمي في إدارة التربية والتعليم «نرضى ولو بفئة (أ)، فالعمل في القطاع الخاص غير مضمون، ومتى ما أجبرت على ترك الوظيفة فلن أتمكن من إعالة أسرتي». من جهته، قال يحيى آل جبران (فني طباعة) إن حاله وحال زملائه غير مرض «راتبي 1200 ريال وهذا الراتب لايسعفني لنهاية الشهر، ولا يكفل لي حياة كريمة» ، وأضاف «أرجو من المعنيين الالتفات لمشكلتنا ومساعدتنا في الحصول على وظيفة حكومية، نحن شبان نعمل من أجل منطقتنا ونتحمل أعباء هذا العمل منذ خمس سنوات»، مشيرا إلى أن عددا من زملائه السابقين لم يتمكنوا من الصبر على هذا الوضع وتركوا العمل في المؤسسة سريعا بحثا عن فرصة أفضل مع أنهم فنيون يشار إليهم بالبنان . إدارة تعليم عسير: طلباتهم في وزارة الخدمة رد المتحدث الرسمي باسم إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير أحمد فرحان على مشكلة هؤلاء الشبان الفنيين، بأنهم يتبعون مؤسسة خاصة وتقدموا بطلب التعيين « وطلباتهم الآن في وزارة الخدمة المدنية ويجب أن تحظى بمتابعة منهم» ، موضحا « تعيينهم رسميا ليس عن طريق إدارة التعليم في عسير أو عن طريق موظفيها» . وأكد مدير عام الإدارة الدكتور جلوي محمد كركمان أنه وجه أقسام الخدمات المساندة وشؤون الموظفين بخدمة هؤلاء الفنيين بقدر المستطاع والاهتمام بهم، وبذل الجهد في العمل على توظيف هذه الطاقات الوطنية». وبين كركمان أن الإدارة تطالب بهم للإفادة من خبراتهم الفنية في خدمة التعليم «ومع ذلك ، ليس للإدارة قدرة على تحسين رواتبهم الحالية كون تعاقدهم مع مؤسسة خاصة هي التي تشغل الورشة».