قال اقتصاديون إن الموازنة العامة للمملكة للعام المالي الجديد 1433/1434 «2012م» تأتي تكريسا للهدف الاستراتيجي للميزانيات السابقة والمتمثل في التركيز على التنمية البشرية في المقام الأول والرفع من كفاءتها، الأمر الذي يفسر تخصيص جزء كبير من الميزانيات السابقة لقطاعات التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة، مؤكدين أن الزيادة في الإنفاق ستكون السمة البارزة في الميزانية المقبلة، الأمر الذي يؤكد استمرار النهج القائم على مسيرة التنمية المستدامة في المملكة، وذلك بالرغم من الظروف الاقتصادية الدولية التي تعيشها القارة الأوروبية على خلفية أزمة اليورو، وذلك بمواصلة توجيه الموارد للإنفاق على الجوانب الأكثر دعماً للنمو الاقتصادي وللتنمية وتعزيز جاذبية اقتصادنا الوطني للاستثمار، وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين من خلال التركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية. وأشاروا إلى أن الموازنة الجديدة، على غرار الميزانيات السابقة تسلك استراتيجية متوازنة في آلية توجيه الإيرادات للقطاعات المختلفة، بحيث تأخذ في الاعتبار استخدام جزء من الإيرادات في إطفاء الدين العام والذي فسر انخفاض الدين خلال السنوات الماضية، فقد ساهم استمرار العجز في الميزانية العامة خلال السنوات الماضية لتراكم الدين العام، الأمر الذي أوصله للأرقام الفلكية (600 مليار ريال)، كما يأتي تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية في مجالي التعليم والصحة كهدف استراتيجي، يتمحور حول تنمية الفرد السعودي والاستثمار في تنمية الموارد البشرية، خصوصا إذا عرفنا أن تطور أي بلد يعتمد على تنمية الموارد البشرية فيه، وبالتالي فإن قدرة المملكة على جذب الاستثمار كهدف استراتيجي لا ينفصل عن قدرتها على تنمية الموارد البشرية ووجود كفاءات تستطيع الخدمة في القطاعات الإنتاجية المختلفة. الاستثمار في البنية التحتية وقال الدكتور علي العلق أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول المعادن، إن الميزانية تركز على الاستثمار في البنية التحتية، باعتباره طريقا لجذب الاستثمار، من خلال تخصيص جزء كبير من الميزانية لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى، بالإضافة للمشاريع الجديدة لتوفير مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، البنية التحتية والمرافق في المدن الصناعية، متوقعا أن تتضمن الموازنة مشاريع لتجهيز البنية التحتية للصناعات التعدينية في رأس الخير «رأس الزور»، ما يعني أن هناك نهجا استراتيجيا للدولة في التركيز على الميزة النسبية التي تتمتع بها المملكة وهي الصناعات البتروكيماويات، وهي القطاعات الجاذبة للاستثمار الأجنبي، كما أن وجود بيئة استثمارية لا يقود إلى استقطاب الاستثمارات الخارجية بل سيؤدي إلى توطين الرساميل السعودية المهاجرة. ورأى أن الميزانية الجديدة تركز على البرامج والمشاريع التنموية، خاصة التي توفر الخدمات الضرورية للمواطنين؛ نظرا لكون المملكة من الدول التي تعاني من ارتفاع مستوى البطالة بسبب النمو السكاني العالي، إذ تعتبر من أكبر الدول العالمية نموا في السكان، ما يتطلب الحاجة إلى الخدمات الجديدة والكبيرة مثل الصحة والتعليم، كما أن التحدي الكبير الذي يواجه الدولة في السنوات المقبلة، يتمثل في إيجاد وظائف للمواطنين، وبالتالي فمن الطبيعي التركيز على تقديم الخدمات والتركيز على الاستثمار في تنمية الموارد البشرية والتركيز على جذب الاستثمار وخلق مناخ استثماري من أجل وجود الوظائف. الرهان المستقبلي وشدد رئيس اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية سلمان الجشي على أهمية تركيز الميزانية على المشاريع الجديدة باعتبارها الرهان المستقبلي لتنمية البلاد، خصوصا إذا عرفنا أن 75 في المائة من الميزانية يذهب كرواتب لموظفي الدولة، وبالتالي فإن مثل المصاريف لا تضيف قيمة حقيقية للوطن، إذ لا بد من التفريق بين المصروفات الجارية والمصروفات الرأسمالية، مؤكدا أن استمرار الإنفاق في الموازنة المقبلة سيكون السمة البارزة، ما يعني دلالة إيجابية على النهج الذي أعلنته الدولة في دعم سياسة الإنفاق. تنمية المدن الصناعية من جهته، قال رجل الأعمال عبدالعزيز التريكي إن التركيز على تنمية المدن الصناعية مثل «الجبيل 2» و «يبنع 2»، يمثل حافزا أساسيا مستقبليا للقطاع الصناعي في المملكة، خصوصا أن تلك المناطق ستستقبل المصانع المختلفة، ما يسهم في توسيع القاعدة الصناعية لتشمل مختلف الصناعات ذات القدرة على زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات المختلفة، بالإضافة إلى استيعاب جزء كبير من العمالة الوطنية وتقليل البطالة التي تشهدها المملكة في الوقت الراهن. وأضاف، أن الموازنة الجديدة ستحمل مفاجأة سارة للجميع، وتتمثل في خفض جزء من الدين العام، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني، الذي عانى في السنوات الماضية من مشكلة تراكم الدين العام. واعتبر تركيز الميزانية على التعليم بمختلف أنواعه من الأشياء الأساسية، خصوصا أن خريجي المدارس الثانوية من الجنسين في تزايد مستمر، مشددا على أهمية التركيز على الجودة في مخرجات التعليم بكافة تخصصاته، بحيث لا ينظر للمسألة من ناجية الكم بقدر التركيز على النوعية والجودة، خصوصا أن مخرجات التعليم التقني والفني لاتزال تعاني من قصور كبير، الأمر الذي يحرمها من إيجاد وظائف في القطاع الخاص.