ونحن بانتظار إعلان الميزانية يصاب المواطن بالدوخة من التصريحات المليارية والتريليونية التي يطلقها المسؤولون عن اقتصادنا وماليتنا، ومع دوخة الأرقام يصاب المواطن أيضا بدوخة الأسئلة التي تتصارع في ذهنه عن جدوى هذه الأرقام الفلكية وهو بين أنياب مشاكل متعددة ومزمنة ما زالت تطبق على أنفاسه.. يقول المختصون إن الإيرادات المتوقعة للميزانية تبلغ 1.094 تريليون ريال، ويقولون أيضا إن المملكة ضخت في أسواق النفط الدولية خلال 11 شهرا فقط 2312 مليون برميل بقيمة إجمالية بلغت 943 مليار ريال، وبالتأكيد هناك أرقام ضخمة لإيرادات أخرى لو أضفناها إلى هذا الرقم لوصلنا إلى عدة تريليونات، ولكن مع كل هذا الخير الوافر دعونا نكاشف أنفسنا قليلا ونتحلى بقدر من الوضوح والشجاعة ونقول إذا كنا في أفضل أوضاعنا الاقتصادية وفي ذروة مواردنا المالية ونحن ما زلنا عاجزين عن إنهاء كثير من مشاكلنا الأساسية فماذا سنفعل إذا تدحرج هذا البرميل إلى الهاوية ووصل سعره إلى الحضيض كما حدث سابقا؟.. الأمانة الوطنية تقتضي أن نسأل لماذا لم يكن هذا التدفق المالي المستمر منذ سنوات كفيلا بإخراج المواطن من تحديات خانقة.. ما زالت تحديات البطالة والفقر والتعليم والصحة والإسكان والبنية التحتية قائمة مهما حاولنا تجميل الواقع.. آلاف المليارات تتدفق في ميزانيات الوزارات وبقية هيئات ومؤسسات الدولة لكن كل هذا الضخ المستمر لم ينعكس على كثير من الأمور الأساسية، وذلك يعني تلقائيا أن هذه الأرقام الفلكية التي يسمعها المواطن لا يجني فائدتها كما يجب بسبب سوء التخطيط والارتجالية وافتقاد بعض هيئاتنا للعمل المؤسسي والمتابعة والرقابة على صرف المال العام.. من غير الطبيعي أبدا أن يكون همنا اليومي مصطلحات ومفردات ك: حافز ونطاقات وخط الفقر والبطالة وأزمة السكن وعدم توفر أراضٍ لإنشاء المدارس والمرافق الصحية وانقطاع الكهرباء وجفاف صنابير الماء وحفر الشوارع وطفح البيارات وأزمة النقل العام، و.. و.. و... وغيرها من أساسيات الحياة في أي مجتمع، وفي ذات الوقت نتحدث عن التريليونات في إيرادات الميزانية.. تناقض عجيب ومشكلة حقيقية لا يجب أن تستمر بهذا الشكل، ولا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال أمامها.. لابد من إعادة النظر في واقعنا بشجاعة وشفافية وأمانة وصدق. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة