قضت منيرة بنت صالح بن عثمان العكاس السبيعي ابنة تاجر اللؤلؤ، زهرة شبابها في التنقل بين مختلف مناطق المملكة من خلال عملها في الحقل التربوي والتعليمي، حتى استقر بها المطاف أخيرا مشرفة عامة لمركز الحوار الوطني في منطقة مكةالمكرمة، وفي حوارها مع «عكاظ» استهلت منيرة السبيعي أو «نصيرة الشباب» كما يحلو لها أن يناديها الناس بالقول: «أتمنى من كل وزارة فيها قطاع من الشباب أن يكون لهم من يمثلهم في مجلس الشورى، للتعبير عن أفكارهم بأنفسهم»، كما تتحدث عن آلية مشاركة المرأة في الشورى والمجالس البلدية، وأيضا آلية انتقاء المشاركات والمشاركين في الحوار الوطني، وقراءتها للعمل التربوي التعليمي الحالي ومدى نجاحه في تحقيق أهداف الوزارة والانتقال بفكر الطالبات والطلاب إلى مصاف الدول المتقدمة علميا، ولمنيرة العكاس جولات خارجية سواء لتمثيل المملكة في المحافل الخارجية، أو مبتعثة لاكتساب الخبرات العلمية والعملية في مجال عملها .. وهذا نص الحوار: • من هي منيرة العكاس؟ ولدت في الأحساء وعشت في المنطقة الشرقية، رحل جدي من القصيم في فترة انتشر فيها مرض الكوليرا وسميت سنة الرحمة، عقبها انتقل إلى الشرقية واستقرت العائلة هناك، وكان والدي كثير السفر ودرس في المدرسة الإنجليزية في الهند، وهو تاجر لؤلؤ بين دارين والبحرين، وجدي لأمي هو الشيخ العالم الجليل عبدالعزيز العكاس قاضي الملك عبد العزيز رحمهم الله جميعا ، وأسرة العكاس أرست الحركة الدينية مع المؤسس آنذاك، ونحن من سبيع القصيم وهذه قبيلة مشهورة بالعلم والعلماء ونهتم بالعلم جدا لأولادنا وبناتنا وجدتي تحفظ الحديث وتوفيت عن عمر يناهز 118 عاما، ولأمي دور كبير على، وكانت حكيمة وكان أبي يهتم بالبنت ويفتخر بها. • كيف تدعمين دور المرأة السعودية من خلال عملك في مركز الحوار الوطني في منطقة مكةالمكرمة ؟ بإمكاني مساعدتها من خلال ترشيحها للبرامج التي تثري جانب اللقاء فيها، وإبراز رأيها لولاة الأمر ،نلقي الضوء عليها ونخرجها من دائرة ضيقة إلى دائرة واسعة في المجتمع. • ما الطريقة المثلى لتنفيذ قرار مشاركة المرأة في الشورى والمجالس البلدية بحيث تكون فاعلة ؟ حصر الشخصيات الفاعلة في المجتمع والتي لها بصمات واضحة في المجال الثقافي أو الاجتماعي، وتكون صاحبة تميز فكري، ومن المؤكد ستكون هناك معايير أكاديمية و إدارية أي كان موقعها الوظيفي أو الاجتماعي، وهذه المعلومات تقدم لمجلس الشورى وعلى ضوئها تختار الشخصيات، وفي البداية يتم الأمر عبر التعيين وفي التخصصات التي تخدم كافة لجان مجلس الشورى . • هل تعتقدين أن المرأة عندما تعمل عضوة في المجالس البلدية فإن جل اهتمامها سينصب على مطالب المرأة فقط ولا تمثل عامة المواطنين ؟ لا أعتقد، نظرة المرأة شمولية وهي ترعى في بيتها الرجل والأبناء، واختيرت كإنسان وعضو فاعل له دوره في هذه المجالس، إذ أن ما يهم المواطن هو أن يكون في دائرة اهتماماتها، والمرأة السعودية عندها قدرة على العمل وإثبات ذاتها أمام العالم باحترامها لهذا الأب الرائع عبد الله بن عبد العزيز الذي أولاها ثقته. • يلاحظ البعض أن توصيات الحوارات الوطنية السابقة لا تزال حبرا على ورق، ولم يتم تطبيقها على أرض الواقع، ما هي الأسباب برأيك ؟ أولا مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ليس جهة تشريعية تنفيذية، فقط يرفع التوصيات إلى القيادة بانتهاء اللقاء مباشرة، والقيادة بدورها توجهها للوزارات، لذلك فهذه التوصيات ليست حبيسة الأدراج، وكانت أيضا لقاءات بخصوص الجامعات والمدارس بعنوان: «التعليم واقعه وتحدياته وسبل التطوير» ونتج عنه تبرع الملك بتسعة مليارات ريال لوزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم، كما درب المركز أكثر من 200 ألف رجل وامرأة خلال عام، والآن ينفذ حوار الآباء للأبناء، وحوار الزوج مع الزوجة، وحوار المبتعثين، وكان هناك لقاء المجتمع ومؤسسات التوظيف لمكافحة البطالة، وعملت وزارة العمل مع الخدمة المدنية بوضع الخطط وأحضرنا الوزراء للرد على أسئلة الجمهور، وبموجبه أصبح عندنا حافز ونطاقات، ولا أقول أن هذه البرامج أفرزها الحوار الوطني، بل جاءت نتيجة الحوارات ونحن دورنا رفع التوصيات للمقام السامي، وأنوه بأن العمل الإصلاحي يحتاج إلى متسع من الوقت حتى تظهر نتائجه، وإذا كان هناك تأخير لا أقول إنه نتيجة تغافل أو إهمال، بل هو تباطؤ من الوزارات في تنفيذ التوصيات. • هناك من يقول إن الحوار الوطني غير فعال من ناحية قضايا التعليم والمناهج .. ما ردك على هذا القول؟ الحوار الوطني لا يمحي قضايا التعليم، بل يرفع التوصيات، القيادة توجه وزارة التربية والتعليم التي تضع لها الحلول، والآن حدة مشاكل التعليم في تناقص، بعد توظيف التسعة مليارات وخصوصا فيما يتعلق بتأهيل قيادات التعليم، والآن مشروع الملك عبد الله لتطوير المناهج يمضي قدما في جميع المناهج حتى الرياضيات. • هل أنت راضية عن أداء مركز الحوار الوطني .. وما طموحك تجاهه؟ ، مركز الحوار الوطني، هو مركز فكري ووطني ويهتم بكافة الحوارات، وأتمنى من القائمين عليه الاستفادة من العقول الكبيرة من داخل البلد وخارجه، وأخيرا التقيت بالدكتور توماس مارك من جامعة لستر في بريطانيا، وكان يقيس أداء المركز ومدى تأثيره على المجتمع السعودي وإلى الآن لم ينته من هذه الدراسة، واجتمع بأكثر من 300 امرأة ورجل، حتى جامعة القصيم لها مع مركز الملك عبد العزيز دراسة لتقييم أداء المركز وعلى ضوء هذه النتائج وضعوا خططا جديدة لتتمشى مع المجتمع والأحداث. • كيف يمكن تطوير فكرة الحوار الوطني بحيث تتحقق من خلاله تطلعات خادم الحرمين الشريفين في أن يكون منبرا للرأي والرأي الآخر؟ يمضي المركز على ضوء خطط مدروسة؛ لأن مبدأ الحوار هو تحقيق التوازن، والمركز جمع الشيعي، السني، القبلي، الليبرالي والمتشدد على طاولة واحدة وبدأوا يتحاورون ليخرج كل ما عنده، ورفعت توصياتهم للجهات المعنية، وتوجهات القيادة أن يكون الجميع تحت مظلة المملكة العربية السعودية بدون تمييز، وهذا أحد اللقاءات التي حققها المركز. • من خلال خبرتك الطويلة في العمل التربوي والتعليمي، هل يمكن أن تحقق المدارس بوضعها الحالي هدف الانتقال بفكر أبنائنا وبناتنا إلى الفكر الذي يضعنا في مصاف العالم الأول ؟ العباقرة الذين برزوا قديما من مدارسنا هل كان السبب المنهج، المعول هو الطالب والمعلم، الاهتمام بالمعلم الآن ليس كالاهتمام به في السابق، خاصة أن إمكانياته أفضل من المعلم قديما، والآن المدارس في تطور والمناهج كذلك، وطبقنا على بعض المدارس نظام التعليم المطور، حيث نجد الطالبة هي الباحثة وتكتشف المعلومة مع معلمتها، ونجدها مختلفة تماما عن شخصية الطالبة في المدارس العادية، والوزارة تضع ضمن خطتها تطبيق النظام على جميع المدارس، وهذا سوف يحدث نقلة نوعية للتعليم، وهذا النظام عرض في لقاء قادة العمل التربوي العشرين في أبها. • طالبت عندما كنت رئيسا لقسم الإدارة المدرسية تأجيل الدراسة إلى ما بعد الحج .. هل مازلت عند رأيك؟ أثناء انتشار حمى الخنازير، طالبت بتعطيل الدراسة لأن مكةالمكرمة لها وضع قدسي، والخريطة الجغرافية للشوارع، لذلك رأيت العودة للنظام السابق، أي التوقف عن الدراسة من مطلع ذي الحجة لاعتبارات ثلاثة، منها أن بعض المدارس تؤجر للحجاج وأهالي الطلبة يشتغلون بالحج والشوارع مكتظة، وكان مطلبا ملحا مني في تلك الفترة، وهذا الموضوع انتهى في وقته، ومع هذا مازلت أطالب بمنح طلاب مكةالمكرمة إجازة في أول الحج وهو حق سلب منهم. • هل يسعى الحوار الوطني إلى التنسيق مع مجلس الشورى أوهيئة الخبراء في مجلس الشورى إلى تفعيل توصياته إلى قرارات تؤدي الهدف الأساس من المشروع؟ تكون هناك ندوات حوارية في المناطق، تعد لها محاور وتجتمع فئات المنطقة أو تدعم بالتخصصات، وتكون مثلا منطقة من المناطق جميع النساء فيها ليس بإمكانهن التحدث في هذا المجال، هنا ندعمها من مناطق أخرى، فمن جدة على سبيل المثال يمكننا دعم نجران أو عسير أو جازان وهكذا، وتجمع توصيات الندوة وترسل للجنة العليا في المركز للصياغة النهائية وعرضها على القيادة. • ما الآلية التي يتم من خلالها انتقاء المشاركين والمشاركات؟ هناك آلية منظمة لاختيار المشاركين والمشاركات عبر المشرف أو المشرفة على المنطقة التي سيدار بها الحوار، ويرشح المشرف 35 اسما، ونحن نرفع للجنة العليا 70 اسما في التخصص، ويراعى في ذلك الموضوع والسيرة الذاتية للمشارك، ويتم الاختيار بالتنسيق مع مشرف المنطقة، ونحن نضيف أسماء ربما لا يعرفها المشرف ولدينا قائمة بيانات بالمركز والرأي النهائي للجنة، وأحيانا تكون شخصيات غير مرموقة ولكنها بارزة في علم من العلوم، أو ألقي عليها الضوء في وسائل الإعلام، حتى بناتنا في الخارج ولهن بصمة واضحة استضفت الكثير منهن مثل ريم المطيري، حياة سندي فضلا عن شخصيات غير متواجدة في المملكة يتم دعوتهم للاستفادة من خبراتهم. • أنت كثيرة السفر هل ذلك بهدف الاطلاع واكتساب خبرات مماثلة في تلك الدول . معظم سفرياتي للخارج سواء كنت فيها ممثلة للمملكة، أو بناء على دعوة من هيئات وجمعيات في الخارج كانت تهم المرأة وفكرها، وأنا وأمثالي نعد سفراء غير رسميين وأخذنا على عاتقنا أن نرد الجميل لهذا الوطن المعطاء . • هل تعتقدين أن الحوار الذي يدار في الخارج يصلح بأن يدار حوار مشابه له في الداخل . لا أعتقد ذلك، والأمر يعتمد على الكيفية والموضوع، وأيضا من نحاوره، احتياج كل بلد يختلف عن الآخر، ونحن نتحاور لنضع النقاط على الحروف وفق حاجة المجتمع السعودي، وهي حاجة نطلبها نحن أو تطلبها القيادة، أو ربما تود القيادة معرفة رأي المجتمع فيها، وبالتالي نوعية الحوار تحدد المواضيع، وفي لقائنا الخامس بعنوان: ندوة «نحن والآخر» وهي كيف نتعامل مع الأجنبي في المملكة، و طرحنا موضوعات لا يعرفها الآخر عنا، ونحن مجهولون في مناطق كثيرة في العالم على مستوى الأفراد وجميل أن ينبهروا عندما أتكلم عن ثقافتنا، ومن السهل في المملكة أن تطلع على ثقافات الشعوب من خلال التلفزيون، ففي أمريكا لا ترين سوى أخبارهم فقط، ولو أراد شخص قناة أخرى فعليه دفع ضريبة، ونحن هنا في نعمة حقا.