قبل سنة من الآن وتحديدا في شهر ذي القعدة من العام الماضي كتبت مقالا هنا في «عكاظ» تحت عنوان (زورونا لتنجز مشاريعنا) وكان على خلفية زيارة وزير النقل لمنطقة نجران واطلاعه على بعض المشاريع المنفذة، وحينها شهدت الطرق حركة غير معهودة وأصبح العمل في مشاريعها يبدأ فجرا وينتهي بعد الغروب لحظتها تملكتنا الغبطة والسرور أن معاناتنا مع الحفر والتحويلات الخطرة والمتعرجة قد انتهى، لكن الأحلام دائما تتلاشي فما هي إلا أيام قليلة بعد مغادرة الوزير ليعود الوضع إلى سابق عهده وتقف حركة العمل والنشاط فجأة. وهنا كشف لنا السر أن الهمة مصطنعة وأنه في غياب الرقيب تغيب أشياء كثيرة يأتي الضمير الحي ومخافة الله فيما نكسب في مقدمتها وتلحق بها البقية في سلسلة طويلة تنتهي إلى حلقة متسعة اتفقت الآراء أنها جميعها ترعى الفساد وتغذيه. المفارقة أن الزيارة لتلك المشاريع تكررت بعد الأولى بعام تقريبا وإن اختلفت بأسلوب المفاجأة وتخطي البروتوكولات المعمول بها عند تفقد المسؤول للمشاريع الخدمية وما يصاحبها من زيف وتصنع فقد كانت مباشرة والمبادر بها أمير المنطقة مشعل بن عبدالله الذي عكس جانبا جميلا في شخصيته وهو يترجل إلى الشارع متخطيا الحفر وتلال الرمل على جوانب الطرق ليقف بنفسه على حقيقة ما يدور. وكان قد سبق الزيارة بتوجيهات حازمة للقائمين على مشاريع الطرق تحديدا بسرعة إنجازها بعد أن طوت سنوات عدة من تاريخ بدء العمل فيها ولازالت على حالها في ظاهرة تستحق الدراسة والبحث. ما كان جميلا هو تفاعل المواطن العفوي الصادق مع تلك الجولات والاحتفاء بشخص الأمير بعيدا عن الرسمية حتى أن البعض وهو يتابع حركته بين المعدات وعلى جنبات الحفر لم يصدق أن هذا هو الأمير يبادر إلى المتابعة وكشف ما ستره الزمن طويلا. جولات الأمير شملت مرافق أخرى غير مشاريع الطرق وجميعها اعتمدت عنصر المفاجأة وهذا أسلوب جاد وناجع جدا في كشف عيوب العمل والإخفاق في أداء الخدمة كما هو الوضع في بعض الإدارات التي تباشر عملها يوميا مع المواطنين. الكثير منا عندما يلمس اهتمام المسؤول ومتابعته ينسى تلك المرارة التي عايشها سنوات دون أن يملك وسيلة لتغيير الحال بل تتملكه الخيبة عند طرح فكرة التغيير أو التطوير لأنه يعلم سلفا أن مثل هذه الأفكار إن شرع في تنفيذها فستدمر ما صلح قبلها ليظل هو يدفع فواتير تلك المشاريع الفاشلة من حياته وصحته، وكم من مشروع جامد تسبب في أذية مواطنين وقضى على آخرين ولنا في الحوادث التي حصدت أرواح العشرات مثال حي والتي كان المتسبب الرئيسي فيها إما مشاريع غير مكتملة أو أخرى تعاني سوء التنفيذ. الكثير منا فرح بجولات الأمير واعتبرها إشارة للمتابعة الصارمة وآخرون خافوا على فرحهم من صدمة الارتداد إلى الخلف والركون إلى فكرة أن المسؤول يستحيل أن يكرر جولاته إلا بعد مضي وقت طويل على سابقتها، وقد تكون النظرة هنا تشاؤمية بعض الشيء لأن من لمس الخلل وأبصر طرق علاجه فحتما لن يتراجع وسموه أعلنها أكثر من مرة أنه لن يتهاون مع من تقاعس عن أداء الواجب أو تباطأ فيه لذلك سنسمع ونرى قريبا جهوده ومتابعته وقد أثمرت حتى وإن لم يكرر جولاته فحرصه سيكون أكبر على أن تنقل له تقارير صادقة لا تقبل التدليس عما يدور على أرض الواقع!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 270 مسافة ثم الرسالة