التهب الوضع الأمني في مصر مع تجدد المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن في ميدان التحرير في القاهرة أمس وتوجيه دعوات لمسيرة مليونية اليوم. وبلغ الأمر ذروته البارحة بتقديم حكومة عصام شرف استقالتها للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وفيما وقعت اشتباكات بين الشرطة والمحتجين في ميدان التحرير أمس لليوم الثالث على التوالي، أفاد مسؤولون في المشرحة الرئيسية في العاصمة أن عدد القتلى ارتفع إلى 33، ما يهدد بتعطيل الانتخابات البرلمانية المقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل. وعرض المحتجون فوارغ أعيرة نارية في الميدان لكن الشرطة نفت استخدام الذخيرة الحية. وأفاد مصدر عسكري أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر حاليا يسعى للتوافق على رئيس جديد لمجلس الوزراء قبل أن يقبل الاستقالة التي تقدم بها المجلس الذي يرأسه عصام شرف. وقال المصدر إن المجلس العسكري لن يصدر بيانا رسميا حول الأمر قبل التوافق على المرشح للمنصب. ونقل التلفزيون المصري عن مصدر عسكري قوله إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة رفض استقالة حكومة شرف، لكن المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير استقبلوا نبأ استقالة الحكومة بالتصفيق وزغاريد الفرح، مؤكدين استمرار اعتصامهم. ورددوا هتافات «الشعب يريد إسقاط المشير»، و«مهما تلف لف ودور.. يا طنطاوي عليك الدور»، «كلمة واحدة وغيرها مفيش السياسة مش للجيش». وكان المتحدث باسم الحكومة محمد حجازي أعلن أنها وضعت استقالتها تحت تصرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لكنه أضاف قائلا إنه «تقديرا للظروف الصعبة التي تجتازها البلاد في الوقت الراهن فإنها مستمرة في أداء مهامها كاملة لحين البت في استقالتها». وأعربت الحكومة في بيان عن شديد أسفها تجاه هذه الأحداث المؤلمة. وناشدت المواطنين ضبط النفس والالتزام بالهدوء لاستعادة استقرار الأمور في البلاد، تمهيدا لإجراء أولى مراحل الديمقراطية بإتمام الانتخابات النيابية في موعدها. وكان من المفترض أن تبقى هذه الحكومة الانتقالية حتى تنظيم الانتخابات التشريعية المقررة في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومن جهته أعلن الجيش أمس أنه تدخل في وسط القاهرة لحماية وزارة الداخلية وليس لإخلاء ميدان التحرير الذي تقع الوزارة على مقربة منه، موضحا أنه عرض أيضا حماية المتظاهرين. وقال اللواء سعيد عباس مساعد قائد المنطقة المركزية إن المتظاهرين لهم الحق في التظاهر، مضيفا أن مهمة عناصر القوات المسلحة كانت الفصل بين المتظاهرين وبين وزارة الداخلية. وتابع أن القوات المسلحة ستواصل خططها لإجراء الانتخابات البرلمانية وتأمينها. وأظهرت لقطات مصورة على الإنترنت أفرادا من الشرطة يضربون المحتجين بالعصي ويجرونهم من شعورهم وفي إحدى الحالات يلقون ما بدا جثة على أكوام من القمامة. وكان رد فعل السكان غاضبا عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على حشد تجمع تحت مبنى يحترق على بعد 200 متر من ميدان التحرير مما أعاق إنقاذ السكان المحاصرين. ودعت الحركات المصرية، التي أشعلت فتيل الانتفاضة الشعبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى تظاهرة مليونية اليوم في ميدان التحرير للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري. وفي سياق متصل طرد المتظاهرون عددا من قادة الأحزاب السياسية والتيارات الدينية حال وصولهم الميدان، من أبرزهم الدكتور محمد البلتاجي الأمين العام لحزب «الحرية والعدالة» المعبر عن جماعة «الإخوان المسلمون»، ووجهوا له الشتائم.