عمت شكوى المهتمين بشأن التعليم العام وتأخر مستواه وتدني مخرجاته الكثير من البلاد لا سيما المتقدمة منها، فلا يخفى على المتابع ما تزخر به محطات الأخبار ومواقع الصحف من خطط وأماني تطوير التعليم والارتقاء به لمستوى المنافسين، فالجميع يدركون أهمية الاستثمار بتعليم النشء وأنه أفضل وأجدر ما تتسلح به الأمة لمواجهة المستقبل في زمن رواج العلم وكثرة الشهادات العلمية وانحصار المنافسة في النوعية والكفاءة، فلا مكان في الزمن القادم لأنصاف الكفاءات ولا لأنصاف المتعلمين، ولأن تطوير التعليم الحكومي يظل محدود الأفق بسبب ما يكبله من قيود الروتين وما يحيط به ويحد من كفاءته من معوقات لا تخفى على المهتمين، فلماذا لا تشجع المملكة والحال هذه قيام شركات متخصصة ومقتدرة ماديا وعلميا بتبني فكرة الأنظمة التعليمية المتكاملة لتقدم نوعاً متميزاً من التعليم يقبل عليه من يودون الاستفادة من هذا المستوى الذي يواكب أحدث وأرفع أنظمة التربية والتعليم في العالم، ذلك أن أغلب مدارس ومجمعات التعليم الأهلي والخاص في المملكة محدودة القدرة والكفاءة ليس بإمكانها توفير البنى التحتية المتميزة، كما أن الكثير منها يدار بعقليات تجارية تقصر اهتمامها على الربح المادي الآني على حساب جودة وكفاءة ما تقدمه من خدمة لا ينبغي لها أن تقاس بالمال وحده، والفكرة هي إنشاء شركات كبرى مساهمة أو خاصة متخصصة بالتعليم تنشر فروعها في مختلف المدن لتوفر المناهج المتميزة التي تلتزم بالخطوط العامة لسياسة التعليم، بينما تأخذ طريقها المستقل في التفاصيل وفي إعداد الكوادر وتأهيلها تأهيلا متقدماً وتؤسس المرافق التعليمية التي تواكب آخر ما توصلت إليه نظريات وفنون التعليم الناجح وتبني مراكز أبحاث وتطوير وتدريب للكفاءات وأقسام للموهوبين ويستقطب لها من الخبراء والمستشارين من يثري ساحاتها بكل ما هو جديد وجدير، ربما يتطلب الأمر استثمارات كبيرة، لكنه ممكن إذا توفرت الرؤية والإرادة، ومربح جداً من الناحية المادية فضلا عن هدفه الأسمى، فهناك الكثير ممن لا تعوزهم القدرة المادية ولا يفوتهم إدراك أهمية التعليم المتميز، وممن هم على استعداد لدفع الأقساط الدراسية بغية توفير مستوى رفيع من التربية والتعليم لأبنائهم وبناتهم، فإلى متى يبقى ترتيبنا في مؤخرة دول العالم في تعليم العلوم والرياضيات التي هي عماد علوم العصر، كما أشار تقرير (ماكينزي) الأخير، وإلى متى يعاني المبتعثون إلى الخارج هذه الفجوة المعرفية التي يعانون منها اليوم. [email protected]