إذا كانت الهواية والفوضى والبدائية ستجعلنا نتصدر القارة الآسيوية لثلاث مرات وتبعات الهواية فيما بعد تجعلنا نصل لكأس العالم أربع مرات في مقابل أن الاحترافية تجعلنا أمام نتائج كوارثية بدءا من الأرقام الفلكية في التسجيل في مرمانا وصل حد الثمانية أهداف وانتهاء بخروج مذل من المونديال السابق (2010م) أمام كوريا الشمالية في الرياض مرورا بالخروج المذل الآخر من الملحق أمام البحرين وأيضا في الرياض وصولا لمأزق مباراة 29 فبراير 2012م الذي وضعنا أنفسنا فيه دون أن يكون لأحد فضل أو منة!! وعجز تام لأنديتنا عن الفوز بكأس أندية القارة منذ العام 2005م وعدم وجود حضور سعودي مميز في المناصب الرئيسة في الاتحاد القاري والدولي وانحسار التأثير السعودي في هاتين الهيئتين الدوليتين بشكل واضح، أقول إذا كانت الاحترافية ستذهب بنا إلى ما نحن فيه الآن فالأفضل أن نعود إلى الهواية ونستمتع بكرة القدم .. نستمتع بالمهارات والأهداف والنتائج، نستمتع بالبطولات والإنجازات، ونستمتع بالحضور السعودي القوي جدا في المؤسسات الرياضية العالمية، الأردن ولبنان وعمان ليس لديها احترافية أو استراتيجية أو لائحة انضباط وافق عليها فيفا أو نظام أساسي لا يوجد له مثيل أو إعلام رياضي ملون بألوان الأندية بشكل بشع أو رؤية مخنوقة للمستقبل تجعل أيام الفيفا تمر دون أن نستفيد منها أو لاعبون بملايين الدولارات والريالات ومع ذلك فهذه المنتخبات الثلاثة وضعها في تصفيات القارة لكأس العالم أفضل من وضع منتخبنا بمراحل، بل إن حضورها القاري والدولي أفضل، صدقوني القضية ليست في إدارة المنتخب أو رئيس الاتحاد أو موهبة اللاعبين أو البنية التحتية أو ما يصرف على كرة القدم، القضية تكمن في خلل فهمنا للاحتراف الذي انتهى بعد عشرين عاما بجعل أي موهبة عادية تقبض ملايين الريالات وبالتالي ينتهي الطموح ويصبح اللعب والمشاركة في المباريات بالنسبة للاعب ولوكيل أعماله تحصيل حاصل دون جدية أو قتالية أو اهتمام أو حس انتمائي أو وطني، لو أن قيمة اللاعب السعودي التي تدفع له هنا سوف تدفع له في أي مكان يذهب إليه بمعنى أن اللاعب الذي سيدفع في عقده عشرين مليون ريال محليا سوف يدفع له ستة ملايين دولار أمريكي عندما يلعب خارج الوطن هنا تكون القيمة السعرية للموهبة حقيقية، أما ما يحدث الآن فهو صراع (استعراض العضلات المليونية) لا أكثر، وبالتالي وصلنا إلى هذه النقطة التي جعلتنا جميعا حائرين في وضع الأخضر فنحن نعتقد أننا أفضل المنتخبات في غرب القارة على الأقل ومع ذلك فنحن الآن أسوأها من حيث النتائج ، وضعية جعلت كافة المحللين والنقاد الحقيقيين في أزمة تحليل للواقع المرير. وحيث إن الفترة المتبقية حتى مباراة الموت في 29 فبراير 2012م وأسميتها مباراة الموت لأنني لن أستوعب مهما كانت الأسباب أن يخرج المنتخب السعودي من تصفيات أولية للقارة الآسيوية، فأنا أطمح بالوصول إلى البرازيل 2014م ولذلك قد أقبل الخروج في آخر مباريات التصفيات النهائية أو عبر الملحق ولكن حتما لن يقبل أي سعودي خروجا مبكرا بهذا الشكل، أقول وحتى موعد المباراة أمام أستراليا لا يوجد أيام للفيفا رسمية ومعتمدة ولذلك فإن إيجاد مباريات دولية قوية قد يكون صعبا للغاية خاصة أنه يفضل أن تلعب أمام منتخبات تماثل المنتخب الأسترالي في الأسلوب والشكل وسيكون الخيار المتاح أمام الصقور الخضر أحد المنتخبات الأفريقية نظرا لإقامة كأس الأمم الأفريقية في يناير المقبل وهذا أيضا صعب لتعارضه مع التزامات أخرى. هناك نقطة فنية تتعلق بالأداء الفني كمجموعة وهذا الكلام ورد في تقارير الفيفا لكأسي العالم 2006م و2010م حيث يلاحظ على المنتخب السعودي ضعف الانسجام وضعف التركيز أثناء سير المباريات وضعف في بناء الهجمة من الناحية العددية وكذلك يفتقد لاعبونا للتحرك بدون كرة أو الركض في الملعب أو قرب المسافات بين اللاعبين وأيضا كثرة التمرير الخاطئ. الأمر المهم أن الرؤية يجب أن تكون واضحة في حالة تجاوزنا المرحلة أم لم نتجاوزها (لا سمح الله) بمعنى أن تنظيم المرحلة المقبلة وحتى 2014م مهما كانت النتائج لا بد أن تكون مكتوبة الآن ولا تعتمد على الارتجالية وانتظار المفاجآت، وأتمنى أن تعتمد بشكل أساسي على استغلال أيام الفيفا للعب مباريات دولية مع منتخبات عالمية، نعم هناك دورة الخليج في البحرين مطلع 2013 م وتصفيات القارة لكأس الأمم 2015 م ولكن استغلال أيام الفيفا مع منتخبات كبيرة وعريقة يعطي حضورا وانطباعا دوليا رائعا لأي منتخب وفوائده أكبر بكثير من مباريات مثل كأس الخليج أو تصفيات أولية لبطولة الأمم الآسيوية. ولا يمنع من الاستفادة من بيوت الخبرة الكروية أو مكاتب الاستشارات الرياضية والكروية ذات العراقة في أوروبا لترتيب وتنظيم إدارة المنتخبات إجرائيا وإداريا وفنيا وهذا مجال واسع وله نجاحات مع كثير من الدول التي حققت كأس العالم فلم لا نستفيد؟!.. أخيرا: ليس جرما تاريخيا أن تخرج من تصفيات كأس العالم ولكن الكارثة أن لا تكون الصورة والرؤية واضحة أمامك وأن تعتمد على الفوضى وردات الفعل أثناء إدارة وسير العمل. ** خبير معتمد في الاتحاد الدولي أكاديمي وناقد ومتخصص في كرة القدم