رغم الاختلاف على ضلوع إيران في مؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، بين منكر ومصدق، فإن ما يدعو لتأكيدها هو كون اتهام إيران فيها صادرا من وزير العدل الأمريكي يضاف لذلك البيان الذي أيد الاتهام وأصدرته البعثة السعودية في الأممالمتحدة، وإدانة مجلس جامعة الدول العربية لها، وكذلك طلب واشنطن والرياض من الأمين العام للأمم المتحدة إحاطة مجلس الأمن بالأمر. وبعد إنكار اتهامها بالمؤامرة لعدة أيام، طلبت إيران من واشنطن تزويدها بالمعلومات الضرورية عنها للنظر فيها، واحتجت بعد ذلك على اتهام الولاياتالمتحدة لها طالبة منها اعتذارا رسميا. لكن سجل أعمال إيران العدوانية والاستفزازية ضد الغير لا يبرئ إيران من هذه المؤامرة، التي لو تم تنفيذها في سبتمبر الماضي كما كان مقررا لها لاعتبرت عملا من أعمال الحرب. فإيران طالما هددت وتوعدت بافتعال المعارك خارج حدودها، كإحدى وسائل تصدير الثورة وتحقيق مخططاتها الاستراتيجية حتى ولو كان ذلك على سيل من الدم، هذا إلى جانب شرائها وسائل إعلامية من قنوات وإذاعات وصحافة لبث وزرع أفكارها التي تحفز الأقليات المذهبية في الدول العربية للقيام بالمظاهرات والاحتجاجات حتى ولو أدى ذلك للفوضى والفتن ومزيد من أعمال العنف والإرهاب. فقد احتضنت إيران الإرهاب واستقبلت الإرهابيين وبعض عناصر القاعدة في سبيل خدمة مصالحها. ولذلك فقد أيدت ثورات الربيع العربي، ولكنها ساعدت الرئيس بشار الأسد ضد ثورة الشعب السوري، ومن جهة أخرى تدعي الإسلام وقامت وتقوم بأعمال تتنافى مع قيمه. ولسياسة إيران الخارجية الغامضة والمتناقضة محددات منها أن ساسة وملالي إيران الثورة مصابون بعقدة الإمبراطورية الفارسية إذ هم مغمورون بذكرى مجدها الغابر، ولذلك هم طموحون لإعادة ذلك المجد تماما كما كان يطمح سلفهم شاه إيران، محمد رضا بهلوي، ولذا تواجد لديهم الشعور بفوقية هويتهم القومية الفارسية (الآرية) وذلك ما جعلهم يمارسون العنصرية ضد الغير وضد القوميات المختلفة المحاطة بها إيران في مناطق أطرافها. والمذهب الشيعي يتم توظيفه من قبل قادة إيران كقناع لخدمة المصالح الإيرانية القومية والتوسعية، فهم متمسكون بالجزر الإماراتية التي احتلها قبلهم الشاه. ويمارسون العنصرية المذهبية ضد من هو غير شيعي وضد من هو شيعي غير إيراني، ويتم وفقا لذلك توظيف أفراد وجماعات شيعية من غير الإيرانيين للقيام بأعمال إرهابية، ويعتبرون الشيعي الإيراني درجة أولى والشيعي العربي درجة ثانية وهناك درجة ثالثة ورابعة لآخرين. وتعتبر القوة العسكرية إحدى المؤثرات على السياسات الإيرانية، وظاهر تباهي قادة إيران بها لدرجة الزهو والغرور وذلك من خلال الاستعراضات فيها والتهديد بها، فهم بحق يعانون من مرض «غطرسة القوة» لدرجة أنهم يرون إيران أكبر من حجمها، وهم لذلك في سباق مع الزمن ويريدون اختصاره لتكون قوة إقليمية ودولية، والله أعلم ماذا يحدث لو امتلك الإيرانيون سلاحا نوويا. والخلاصة.. إن ممارسات إيران الخاطئة لسياستها الخارجية أثبتت أنها استفزازية وانتهازية ومتخبطة وتتسم بالفوضى والهجوم والانفعال مما زاد في عزلتها بشكل عام.