الحرب ضد الفساد شعار تم التلويح به عقب كارثة جدة، ومن تلك الكارثة انطلقت الصحافة في متابعة الخلل والقصور الناشئ في مواقع مختلفة مشيرة إلى مواطن تلك المخالفات، وإن لم تكن إشارات شاملة إلا أنها كفيلة بإبقاء الشعار مرفوعا. ويبدو أن المفسدين يعلمون (السيكلوجية) البشرية للإنسان، تلك النفسية المتمثلة في التوثب والاستيقاظ لأي فساد ناشئ وهي مرحلة زمنية قصيرة يعود بعدها التراخي، ولذلك يلجأ المفسدون إلى التهدئة ريثما تعبر العاصفة ومعاودة النشاط وكأن شيئا لم يحدث. وعودة المفسدين إلى موقعهم يأتي نتيجة تراخي الرقابة أو أن العقوبة المجربة لا تصل إلى سقف المخالفة، وهما سببان كفيلان بعودة كل أنواع الفساد سواء الإداري أو المالي او الأخلاقي. هذه المقدمة كان المحفز لكتابتها ما نشر على الصفحة الأولى من عكاظ (عدد الأمس) من تأهب هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة للرفع عاجلا إلى الجهات العليا بتقارير حديثة حول قصور أجهزة حكومية قبيل نهاية العام الحالي، ويتمثل الخلل في توقيع بعض المشاريع والخلافات التي تنشأ بين المقاول المكلف بالمشروع ومقاولي الباطن إضافة إلى تساهل جهات حكومية في متابعة المشاريع مع المقاول أو محاسبة المقاول عن تأخره في تنفيذ المشاريع الموكلة إليه، وتضمنت الملاحظات رصدا للتأخير في عقود مشاريع قائمة أو نفذت بطرق غير مطابقة للمواصفات المطلوبة. إذا كانت هذه هي الملاحظات التي سترفع، فهي القواعد الأساسية التي ولدت الفساد في الجهات المعنية بتنفيذ مشاريع الدولة وهي نفسها التي شن عليها الحرب، فهل كانت حربا فاشلة، أخذت وقتا قصيرا في الإعلان ثم تقهقرت (وعادت ريما لعادتها القديمة)؟ وإذا كان المتفائل يرى أن (العين الحمراء) لا تزال مشتعلة وإنما الخلل يقع في الإجراءات الإدارية والقضائية بحيث يكون رصد الثغرات التي تنشأ عنها خلافات بين المقاولين والأجهزة الحكومية تستغرق وقتا في أروقة القضاء وينتهي بعضها لصالح المقاولين مما يكبد خزينة الدولة أموالا طائلة، فهذه الجزئية تشير إلى تأخر القضاء في البت وإذا تم البت تكون خزينة الدولة هي الخاسرة مما يعني قصورا حادا في البنية القانونية لدى المرافق الحكومية. والكارثة الأخرى أن شركات أجنبية من مقاولي الباطن انضمت للشركات التي تسببت في تعثر مشاريع حيوية. وهذه النقطة تحديدا من المسؤول عنها، وكيف لشركة أجنبية أن تتحول إلى متعاقد في الباطن، ولايحدث هذا إلا إذا كان الحبل على الغارب. الأمنيات تتركز الآن أن لا نعيد (سالفة العصر والزمان) حين كانت الصحافة تشير إلى أخطاء إدارية وتنفيذية ويتم التغافل عنها حتى (وقعت الفأس في الرأس) فلا بد من البقاء في أرض المعركة حتى يندحر الفساد نهائيا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة