يستعيد المسنون من أقاصي سنوات العمر بهجة العيد في الماضي، ويؤكدون أن أيام العيد لم تعد تمثل لهم شيئا بعد أن شاخت الفرحة وانطفأت في زوايا أنفسهم. وقال محمد عبدالله (70 عاما) «العيد في الماضي كان له طعم آخر، من منا لا يتذكر تلك الأيام حيث عيد الأموات وهو ليلة عرفة، كما كنا نسميه في الماضي، وكنا نذبح بهيمة صدقة عن الموتى ثم نتناولها جميعا في جو عائلي وندعو لهم بالرحمة، ثم تأتي بعدها ليلة العيد الكبير وفرحة الكبار والصغار». ويتذكر المسن محمد عبد الله موقفا عاشه بعد أن اشترى والده له ثوبا للعيد وهو صغير ومن فرحته بالثوب وضعه أمام لهب الفانوس لكي يراه ويمتع ناظريه بلونه الأزرق، ولم يكن يعلم أن اللهب أتى على ثوب العيد وحرقه عن آخره. وقال محمد الشراحي (75 عاما) «كنا ننام بأعجوبة فنغمض أعيننا على أمل الاستيقاظ بسرعة ضوئية، فنصحو على تهليلات العيد تنطلق من المذياع، بينما تنبعث رائحة الطعام الدسم من المطبخ، فنحس بغبطة وسرور لا مثيل لهما خاصة حين نحصل بعد الفطور على العيدية المؤلفة من قروش أو تميرات ثم جاء نوع من الحلوى يسمى عسلية». ويضيف «ما أروع الشعور الذي كنا نحس به ونحن نطوف على منازل الأهل والأقارب وهم يهبوننا المزيد من العيدية التي كنا نضمها إلى رصيدنا الكبير لكي نصرفه فيما بعد». وقال أحمد بن علي «الليل كان مسرحاً لسهراتنا البريئة نلعب البلوت على ضوء الأتاريك ونتحلق حول المذياع في منزل كبير العائلة، كانت الأم هي قطب الرحى في مهرجان الفرح هذا، هي التي توقظ الأبناء وتلبسهم ثياب العيد ثم تطبخ الطعام وتستقبل المهنئين وتحسن ضيافتهم ثم تجعل البيت مشعاً بالحب والعطف والحنان. إننا نتوق إلى عيد الماضي».