مع حرب تحرير الكويت عام 1991م، عرف العالم العربي الاختراق الأول للقنوات الإخبارية وذلك عبر محطة السي إن إن. في تلك الفترة، كان مراسل المحطة في بغداد الصحافي المخضرم بيتر أرنيت يبث رسائله الإخبارية مباشرة من على سطح فندق الرشيد وسط أصوات صافرات الإنذار و وميض المدافع المضادة للطائرات. هذا المشهد الديناميكي المثير كان مبهرا وجديدا على المشاهد العربي وقتها والذي اعتاد على نشرات أخبار رتيبة تقدمها التلفزة الحكومية. اليوم، هنالك سباق حثيث بين القنوات الإخبارية الأجنبية للوصول إلى المشاهد العربي. فأمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وإيران جميعها تملك قنوات إخبارية موجهة تبث باللغة العربية. ومن الواضح أن الغرض الحقيقي للكثير من هذه القنوات هو الدعاية السياسية والثقافية للحكومات التي تمولها. وتبدو قنوات الحرة الأمريكيةوروسيا اليوم أوضح الأمثلة على هذه النوعية من القنوات. فقناة الحرة نشأت بالتزامن مع غزو العراق متخذة منحى يروج للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وبلغ مجموع ما صرفته الحكومة الأمريكية لتمويل القناة تقريبا نصف مليار دولار. وباستثناء بعض البرامج الحوارية المميزة، تبدو القناة فاشلة تماما في تحقيق هدفها بتجميل صورة أمريكا في المنطقة. أما قناة روسيا اليوم فتحاول البناء من حيث فشلت الحرة فتتبنى الخطاب الرسمي للحكومة الروسية والمعاكس لأمريكا والذي لم يعد يلقى قبولا أيضا في المنطقة بسبب موقف روسيا السلبي من الثورة السورية. إلا أن روسيا اليوم تتميز عن الحرة في استقطابها مذيعين روس ملمين بالداخل الروسي ويتحدثون العربية بطلاقة وهذا ساعد القناة على الترويج للوجه الثقافي والاجتماعي لروسيا بشكلٍ أفضل من الحرة. استطلاعات الرأي تشير بشكلٍ عام إلى فشل القنوات الإخبارية الأجنبية الموجهة. فبحسب استطلاع أجرته شركة جرايلينغ هذا العام، لاتزال قناتا الجزيرة والعربية تحتلان المراكز الأولى من ناحية الشعبية في العالم العربي ولا تظهر قنوات الحرة وروسيا اليوم ولا حتى قناة العالم الإيرانية التحريضية في أي مركز متقدم. ولا يبدو واضحا ما إذا كان وعي المشاهد العربي هو السبب في رفضه للقنوات الموجهة أم أن ضعف السياسة التسويقية والتحريرية لهذه القنوات هو السبب. في كل الأحوال فإن المزيد من الشفافية والسياسة التحريرية المستقلة للقنوات الإخبارية العربية المدعومة حكوميا مطلوب للحفاظ على ريادتها.