شهدت الساحة الإعلامية في المنطقة العربية انتشار القنوات الفضائية الأجنبية الناطقة باللغة العربية، حيث قام عدد من الدول غير العربية بتوجيه عدد من القنوات إلى المنطقة. وكانت باريس قد قررت مؤخرا زيادة ساعات بث برامج قناة "فرانس 24" الفضائية الناطقة بالعربية من 10 ساعات حاليا إلى بث مستمر على مدى أربع وعشرين ساعة. كما استكملت مجموعة "كنال بلاس" الفرنسية إجراءات إطلاق باقتها من القنوات الموجهة إلى المغرب العربي.. ولايخفي القائمون علي هذه القنوات أنها موجهة وتسعي لنقل وجهة النظر الفرنسية إلي المنطقة العربية، حيث قال المسؤول عن قناة "فرانس 24"، إنهم يتكلمون العربية، ولكنهم لايفكرون بها، وهو ما فسره البعض بمحاولة فرنسا لاستعادة مكانتها في منطقة المغرب العربي من خلال قوة الإعلام. أما قناة الحرة الأميركية، فقد أطلقت بعد احتلال أمريكا للعراق، ونظرا لانحياز أميركا لإسرائيل. أصبحت "الحرة" مكروهة بشدة في المنطقة العربية، فقد كان الهدف الرئيس من إنشائها كما يقول عبد الحليم قنديل رئيس التحرير السابق لصحيفة "صوت الأمة"، هو تحسين صورة الولاياتالمتحدة في العالم العربي وتسويق سياساتها. بعد أن اكتشف المواطن العربي كذب ادعاءاتها في الحرية والديموقراطية، وسعيها لاستغلال الوطن العربي. ثم أطلق الروس قناة "روسيا اليوم" في إطار محاولة روسيا لاستعادة موقعها القديم في ظل الثنائية القطبية. ثم كان إطلاق القناة الفضائية الصينية بالعربية. ولم تقف بريطانيا مكتوفة الأيدي في ظل هذا السباق للسيطرة الثقافية على العالم العربي، فأطلقت بدورها قناة "بي بي سي العربية". كما أطلقت تركيا قناة فضائية باللغة العربية، أشرف عليها رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان" بنفسه. إلا أن وسيلة الإعلام الموجه التي أثارت الانتباه والجدل أكثر من غيرها هي القناة الإسرائيلية الناطقة بالعربية، والتي بدأت البث منذ فترة برأس مال قدره عشرون مليون دولار، وكان الوزير المسؤول عن سلطة البث الإسرائيلية رعنان كوهين قد أعلن أن القصد من هذه القناة هو استخدامها سلاحاً مضاداً للدعاية المسمومة على حد قوله، ومع ذلك فإنه أوضح أن هذه القناة لا تعتمد الدعاية المضادة بل الإعلام الموضوعي. إلا أن هذه القناة لا يرى فيها الجانب العربي سوى محاولة لتجميل صورة إسرائيل في أذهان الأجيال العربية الجديدة. حيث قالت المذيعة بقناة الجزيرة جيفارا البديري إن "الأساس في التعيين هو الحصول على موافقة الأجهزة الأمنية والرسمية الإسرائيلية، وإن تعمقنا في البرامج المقدمة، وجدنا نشرة الأخبار هي اللافتة، فالمصطلحات المستخدمة لا تزال على ما هي عليه: "مخربون، عملية إرهابية، الحكم الذاتي، يهودا والسامرة بدل الضفة الغربية" وغيرها من المصطلحات التي تدلل على أن الإدارة لا تزال تفتقر للموضوعية". ويقول أستاذ الإعلام بكلية البنات بجامعة عين شمس الدكتور محمد شومان أن هذه القنوات تعمل على الترويج لأفكار وسياسات قد تتعارض مع القيم الثقافية والمصالح السياسية للشعوب العربية، لكنها قد تقدم أخباراً وآراء توسع من مجالات الإدراك والاختيار أمام الجمهور العربي، خصوصاً أن هذه القنوات تتمتع بمصادر تمويل قوية، وتتسم بمهنية عالية وخطاب إعلامي- دعائي جذاب. في حين قال المذيع بقناة الحرة طارق الشامي أن هذه القنوات، ومن بينها قناة" الحرة" الهدف الرئيسي من إنشائها هو أن تكون جسرا للتواصل الثقافي، والتفاهم بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، مشيرا إلى أن القنوات والإذاعات الموجهة ليست بدعا من الدول الغربية، بل كان هناك عدد من الإذاعات المصرية الموجهة أيام الزعيم جمال عبد النصر مثل إذاعة صوت العرب والإذاعات الموجهة لأفريقيا وللعالم. ويضيف الشامي أن هذه القنوات تعمل على نقل وجهات النظر المختلفة للوطن العربي، مشيرا إلى أن هذه المهمة ليست سهلة، لأن صورة الغرب عند المجتمعات الشرقية ممزوجة بكثير من العوامل السلبية، وبها قدر كبير من التشويه لأسباب تاريخية مختلفة. وقال الإعلامي سيد الغضبان أن الشعوب العربية لا بد أن تدرك أن الغرض من بث أي قناة فضائية من دولة ما للمنطقة العربية يكون الغرض منه تحقيق مصالح هذه الدولة في المنطقة. وأضاف أنه "لتحقيق ذلك تعمل هذه القنوات على جذب المشاهدين من خلال التعامل مع القضايا الحياتية الملحة بشيء من الحرية وإبراز الحقائق، وهو ما يفتقده الإعلام المحلي للدول العربية، مما يعطي فرصة للقنوات الموجهة للانتشار والتأثير".