ماذا عساي أن أقول في هذا الموقف العصيب وفي هذه اللحظات الحزينة، ماذا أقول عن سلطان الخير وخير سلطان، أم بماذا أبدأ، فالحبيب الذي فقدناه أمة في شخص حوى من الخصال الكريمة ما يعجز اللسان عن حصره، فبأي هذه الخصال أبدأ؟ بكرمه أم بحسن خلقه أم بعطفه أم بتواضعه أم بحنكته وسداد رأيه أم بقوته في لين جانبه أم بابتسامته التي لا تغادر محياه أبدا. الفقيد الغالي وكما وصفه أخوه الوفي سلمان بن عبدالعزيز بأنه جمعية خيرية متحركة ولم يبعد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان في وصفه هذا فكرم سلطان وسخاؤه لا يجارى ولا يبارى فهو بحر لا شاطئ له. وأكاد أجزم أنه لم تصل مسألة للأمير سلطان ورجع صاحبها خائبا، فمن يصل إليه لا يغادره إلا فرحاً مسرورا، سلطان اليوم تبكيه القلوب الضعيفة المنكسرة فمن يجبرها بعد سلطان، ويبكي سلطان اليوم اليتامى والأرامل وضعاف الناس داخل البلاد وخارجها، فكلنا سمع عن المرأة الفقيرة في غابات النيجر عندما رآها سموه وهي في موقفها ذلك تشارك النمل في قوته من أجل إطعام صغارها فلم يهنأ له بال حتى عرف حالها ووصلها كرمه وعطاؤه. والمواقف الإنسانية كثيرة لا تنتهي مع الأمير سلطان وقليل ما علمه الناس لأنه كان يصر على عدم الجهر بعطائه، فمن جبرٍ لخاطر أرملة إلى عناية بيتيم إلى إصلاح ذات بين إلى عتق رقبة من قصاص ومن الأمثلة في هذا الجانب عندما أعتق رقبة كان صاحبها مطالباً بخمسة ملايين فأجابهم الأمير سلطان لحاجتهم شريطة عدم ذكر اسمه ولعله يستشعر في مقامه ذلك قوله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا). أما تواضع سلطان ولين جانبه فحدث ولا حرج فمما عايشته أنا معه أنه كان يشاركنا الطعام فكنا نأكل معه على مائدةٍ واحدة، وكلنا يذكر الطفل المعوق الذي قابل سموه فحمله الأمير سلطان بيده ومازحه وأجابه فيما طلب، بل إن الطفل عندما أهداه الأمير سيارة قال له أريدك أن تسوقني أنت فأجاب الأمير صاحب القلب الكبير بعبارته الشهيرة «على هالخشم». ومع هذا التواضع ولين الجانب لسمو الأمير سلطان لكنك تجد فيه هيبة الملوك والعظماء في مجالسه فهو ذو نظرة ثاقبة وحنكة سياسية كبيرة شهد له بها الداني والقاصي. الحديث عن الأمير سلطان بن عبدالعزيز يطول ويطول وهذا غيض من فيض. رحم الله سلطان بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته وجعل ما أصابه كفارة له وجمعه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وفي ختام كلمتي هذه أقدم أحر التعازي لخادم الحرمين الشريفين وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأبناء الفقيد الغالي وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية وإخوانه وأخواته وزوجات الفقيد وأحفاده والأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الكريم والأمتين العربية والإسلامية والعالم بأسره في هذا المصاب الجلل. * القائم بالأعمال الخاصة السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز