اعتمدت الأممالمتحدة تحديد يوم 19 أغسطس من كل عام ليكون إعلاناً عالمياً للعمل الإنساني وذلك سعياً إلى زيادة الوعي العام بأنشطة المساعدات الإنسانية للنهوض بالعمل الإنساني وإعطاء أهمية أكبر للقضايا الإنسانية وشحذ الهمم وحشد الموارد لخدمة العمل الإنساني من قبل كافة مكونات المجتمع الدولي حكومات وهيئات ومنظمات حكومية وغير حكومية ومؤسسات المجتمع المدني. وإن العالم وهو يحتفي بهذا اليوم (19 أغسطس) ليذكر بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها العمل الإنساني وهي الإنسانية والحياد والاستقلالية وعدم المحاباة، ولعل هذا اليوم (19 أغسطس) في هذا العام (2011م) يشهد مآسي إنسانية في أنحاء عديدة من العالم وبشكل مركز في عالمنا العربي حيث كارثة المجاعة الحادة في القرن الافريقي ومنه الشعب الصومالي الأشد معاناة، وفي مواطن أخرى حيث النزاعات المسلحة والعنف ضد المدنيين. ومقابل هذه الكوارث المتنوعة التي تعصف بأجزاء من الوطن العربي تأتي مبادرات ومواقف إنسانية للعناية بضحايا تلك الكوارث والسعي لمنعها أو الحد منها ومعالجة آثارها، حيث أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - عن تخصيص 60.000.000 دولار لتأمين مساعدات إنسانية للشعب الصومالي، وكان إعلانه - رعاه الله - بمثابة انطلاق حملة عالمية لمواجهة كارثة المجاعة الصومالية فتنادت المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وانطلقت قوافل المساعدات. وقبل هذا فإن الوضع الإنساني للشعوب التي ثارت ضد أنظمة القهر والاستبداد في أكثر من قطر عربي، كان أيضاً في دائر الاهتمام، وكانت مبادرات المملكة العربية السعودية سباقة بالدعوة لوقف العنف ضد المدنيين وتقديم العون الإنساني العاجل وفي صورة برامج ومشاريع تنموية طويلة الأجل. وعقد العالم تحالفاً إنسانياً لمواجهة هذه المآسي وكان العالم العربي عنصراً رئيسياً في هذا التحالف وبشكل أكثر بروزاً وعطاءً دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أصدر المركز الدولي للأبحات والدراسات (مداد) تقريراً احصائياً مختصراً بعنوان العمل الخيري الخليجي أوضح فيه بأن 90.6٪ من التبرعات النقدية لدول المجلس مصدرها الحكومات وأن المملكة العربية السعودية هي الأولى وأن المساعدات الإنسانية الخليجية عام 1431ه زادت بنسبة 39٪ عن السابق. كما أن سجلات المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر حافلة ببيانات العطاء الإنساني العربي. وبهذه المناسبة العالمية فإن الأمانة العامة للمنظمة العربية إذ تثمن للمملكة العربية السعودية مبادراتها الإنسانية السخية، كما تقدر للمجتمع الدولي مساهماته في هذا المجال الإنساني وتجدد دعوتها لتكثيف الجهود نحو احتواء مجاعة الشعب الصومالي بشكل خاص لا سيما اننا في هذا الشهر الكريم ننعم بفضل الله بخيرات كثيرة، بينما تحمل لنا شاشات الفضايات أناساً إخوة لنا في الصومال جفاة عراة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء أو شيء من أعواد الأشجار والقش لا ظليل ولا يغني من اللهب مع شح في الغذاء والماء والدواء بل وقد ينعدم توفرها أو شيء منها. وإنني إذ أذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم إلى الخير وحبب الخير إليهم هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة». وقول الحق سبحانه وتعالى «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا، إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريرا، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا». وعلى الله قصد السبيل. * الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر