إن استشعار المسؤولية كمواطن يصطف حول زعمائه، وكمسلم يرثي أخا عزيزا يحسبه عند الله من الصالحين، وكإنسان يتلمس كل معاني الإنسانية في شخصية وهبت جل ما تستطيع في الخير لمساعدة الآخرين على تحمل أعباء الحياة، فكان هو سلطان الخير الذي هو الآن بين يدي ربه، لقد انتقل إلى ربه سمو ولي العهد الحبيب إلى قلوبنا ونفوسنا جميعا الأمير سلطان بن عبدالعزيز تاركا أثرا واضحا في حياتنا، وفراغا واضحا في مجتمعنا، لما له من تاريخ ذاخر بالأعمال التي تشهد له، ونشاطا في مختلف المجالات في مملكتنا الحبيبة، ودورا واضحا في المحافل الدولية، حتى صار علما بارزا من أعلام العالم العربي والعالمي، فعرف قدره البعيد والقريب والقاصي والداني، فله أيد بيضاء على آلاف ممن حوله، ولعل من تعرف على سموه عن كثب قد لمس ذلك الفضل وتلك الأخلاق العربية المتأصلة فيه، والتي نشأ عليها في كنف والده رحمه الله الملك عبد العزيز آل سعود، فكان عضدا لوالده وإخوانه في تقوية دعائم الوطن المعطاء، حتى احتضن حواضر المملكة بمدنها وقراها وهجرها، والآن وقد فارقنا الأمير سلطان بجسده ولكن لم يغادر أذهاننا وعقولنا بعمله الذي تظهر معالمه في كثير من أرجاء ثرى هذا الوطن الغالي، فالعمل الصالح للإنسان باق، وثوابه جار إلى يوم القيامة، ولا يسعنا إلا أن نقول أتعبت من بعدك يا أمير، فمن له أيد سباقة إلى الخير أينما وجد، وفزعات للإسلام والمسلمين كفزعاتك ووثباتك، وهمة مع حنكة في تصريف الأمور وحل المشكلات، وتواضع عز أن يوجد في كثير من الناس، ولكنه الموت مفرق الجماعات ومبعد الأحبة، وسببا في الدمعات الحارة التي تهطل فلا تكبتها الآهات، لأنها صادقة ونابعة من القلب، ولا يسعنا إلا أن نقول إنا لفراقك يا سلطان لمحزونون. أسكن الله الأمير فسيح جناته وأسبل عليه عظيم بركاته وأوسع له نزله وأعقد عليه فضله وكرمه، وغفر له سيئاته، وضاعف له حسناته. د. محمد بن محمد الحميدي