الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.. لقد وقع نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- على كل مواطن فاجعاً يقف معها العقل مندهشاً لا يفكر، لكنه أمر الله وقضاؤه وقدره ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا سلطان لمحزونون، عزاؤنا لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز والأسرة المالكة الكريمة وأصحاب السمو الملكي إخوانه وأبناءه وإلى شعب المملكة العربية السعودية، وإلى العالم الإسلامي، في هذا المصاب الجلل وإنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله على قضائه وقدره. سلطان الخير.. عبارة تحولت إلى مثل وشعار فقد عرف رحمه الله بالخير والخير عرف به، في تلازم أصيل، وتوأمة دائمة، فأعماله الخيرية تقف شامخة شاهدة تدل عليه وتذكرنا به كل يوم. سلطان بن عبد العزيز: تاريخ لوحده ولا تستطيع اختزال تاريخه في أسطر ومن غير الممكن أن تختصر حياة حافلة بالأعمال والإنجازات في صفحة أو كتاب، ذلك هو سلطان بن عبد العزيز المسؤول والإنسان والقائد والسياسي والاقتصادي، فقد نشأ نشأة صالحة في كنف والد كريم عظيم هو الملك المؤسس رحمه الله علم الدنيا دروس الحياة قيادة وحكمة وحنكة، نهل من هذه المدرسة القائمة على الكتاب والسنة بكل نهم فكان نعم من يمثلها ويعلمها للناس بفعله وقوله وسلوكه، فاكتسب من الصفات أعلاها وأكرمها. سلطان بن عبد العزيز.. اسم يكفيك سماعه لتعرف التاريخ بتفاصيله، وتعرف تفاصيل التاريخ عند سماعه، عاش عصره بكل كيانه وبكل ما فيه من تقلبات، صقلت حنكته حتى صارت الحكمة طبعاً له وسجية، خدم قضايا أمته ووطنه، وساهم في بناء بلده مساهمة امتدت لأكثر من نصف قرن. سلطان بن عبد العزيز.. رجل بألف أو ألف رجل في رجل متعدد المهام والواجبات والمجالات قوله حكم ورأيه محكم، من خلال علاقاته مع الناس وعلاقات الناس معه كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، طالت أقاصي البلاد ووصلت إلى المسلمين فيها، صدقات وأوقاف ونشراً للعلم والمعرفة وفعلاً للمعروف بكل الوجوه. سلطان بن عبد العزيز اسم له وزنه ومكانته المحلية والعالمية والإقليمية غيابه خسارة كبيرة وثلمة في جدار الأمة، فلا قضية إلاَّ وله رأي يوجه وقول حكيم يصنع توجه، تعامل مع القضايا الكبار، وتصدى للمشكلات التي عصفت بالمنطقة، بكل شجاعة وحكمة وصبر ورؤية ثاقبة. سلطان بن عبد العزيز.. ترك لنا إرثاً عريضاً ونماذج رائعة من الأعمال والخير والكلمات التي تبرق في سماء القدوة، كان رحمه الله إدارياً ناجحاً بامتياز، فأدار العديد من اللجان والهيئات والمجالس بكل كفاءة واقتدار كل هذا فوق عمله وارتباطاته الرسمية والمسؤوليات التي يفرضها عليه موقعه في هرم الدولة. لئن مات سلطان وفارقنا بجسده فإنه باق بيننا بأعماله ومآثره الباقية التي تشهد على هذا الانسان الذي كتب حياته بمداد من نور وعمل من ضياء، وهكذا هم العظماء يتركون الكلام للزمان والتاريخ والناس هم شهود الله في أرضه.. نسأل الله تعالى أن يجعل الخير في من بقي حاملاً للأمانة رافعاً لراية الخير والوحدة والرخاء والنماء، كما نسأله تعالى أن يرحمه رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح جناته، إنه سميع قريب.. * الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر