ما من بيت من بيوتنا، بل وبيوت العالم بأسره، إلا وفيه فرد أو أكثر، على علاقة بشكل أو بآخر بالشبكة العنكبوتية المسماة بالإنترنت. حتى أولئك الذين لا يجيدون استخدام أجهزة الحاسوب الكمبيوتر يستفيدون بطريقة أو بأخرى من معطيات الإنترنت. الكل جزما يدرك أن الشبكة المعلوماتية مفيدة للغاية، لو أحسن الناس استغلالها، وهي كغيرها من آليات العصر الحديث والتكنولوجيا سلاح ذو حدين، والعبرة هنا بمن يستخدمون هذه الشبكة، فالحياة مليئة بالخير، كما أنها لا تخلو من الشرور، و «كل نفس بما كسبت رهينة». وكنت أعتقد أن خطورة الانترنت على مستخدميه تتمثل فقط في جانبين أولهما: حالة الإدمان التي تصيب البعض، فيقضي الساعات والساعات أمام هذا الجهاز اللعين، حتى انشغل أب أو أم في إحدى الدول، ونسيا إطعام ابنتهما لعدة أيام، فماتت، وتم تقديمهما للمحاكمة. أما الجانب الثاني، فيتمثل فيما تبثه هذه الشبكة من إباحية، ناهيك عن السموم الفكرية، وفي إمكان جمهور المتعاملين مع الانترنت «ضبط» النفس، وتنظيم التعامل، وتقدير العواقب، وتمحيص ما يطلعون عليه من معلومات، فالعيب ليس في الانترنت، فندعو جهلا إلى مقاطعته، وإنما في سوء الاستخدام، شأنه في ذلك شأن كثير من المخترعات المدنية الحديثة. إن مزايا الإنترنت وحسناته عديدة، حتى بات أحد المرشحين لجائزة نوبل للسلام هذا العام باعتباره قد أسهم بشكل كبير في زيادة مساحة الحرية في العالم، إلا أن تقريرا جديدا صدر أخيرا قد لفت الانتباه إلى أن الطابع غير المنتظم لهذه الشبكة، أسهم في الترويج وتفشي ظاهرة الكراهية، كراهية الإنترنت التي ارتفعت بنسبة 20% عن العام السابق، هذا التقرير أعده مركز «سايمون فيزنال للتسامح» في الولاياتالمتحدة، وتحت عنوان: «الإرهاب الرقمي والكراهية 2010م»، وأشار إلى أن الانترنت يعج بمحتويات عنصرية، بل وأخرى متصلة بشكل أو بآخر بالإرهاب، إذ يضم ما يقرب من 11.500 صفحة، كما أن صفحات المدونات الشخصية والمواقع الاجتماعية، الشهيرة مثل «نيسبول، ويوتيوب» وغيرها تتبنى أفكارا ذات طبيعة عنيفة. وقد استدل التقرير على ما ذهب إليه بعدد من الحوادث الإرهابية التي استعان فيها أصحابها بالانترنت من أجل إعداد المتفجرات والقنابل، بل والحصول على الأسلحة، وكلها معلومات متداولة ومتاحة من خلال هذه الشبكة المعلوماتية. وليس حل المشكلة في اعتقادي هو محاربة الإنترنت، والدعوة إلى مقاطعته، وحرمان أولادنا وبناتنا من التعامل معه، فالانتفاع بلا حدود عليه كطرف، ومقاطعته كطرف أيضا، وإنما التوسط هو المطلوب.. أعتقد أن أولادنا وبناتنا بحاجة إلى نوع من «التربية التكنولوجية»، وأعني بها تقويم السلوك فيما يتعلق بالتعامل مع ابتكارات المدينة الحديثة، وربط ذلك كله بخصوصيتنا كأمة مسلمة، أناط الله تعالى بها مهمة إصلاح الكون وهدايته وإرشاده، ولا يمكن تحقيق تلك المهمة في ظل مثل هذا «التسيب» في العلاقة بين الفرد المسلم ومعطيات المدينة الحديثة. مطلوب منا أن نوظف هذا الإنترنت لما فيه ثقافة الفرد، ونمو الأوطان، وازدهار الإنسانية ورفعتها. فهل من مستجيب ؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة