من المواضيع الملتهب الحديث عنها هذه الأيام موضوع التحاق النساء بمجلس الشورى والمجالس البلدية، فالبعض من الناس ما زالوا غير قادرين على تخيل المرأة تمارس مثل هذه الأعمال، هم يظنون أن المرأة كي تنجح في مثل هذه المهام لا بد لها أن تتقمص شخصية الرجل وأن تقلده في ردود أفعاله وأساليب تعامله، وهذا يعني أن تتخلى المرأة عن طبيعتها الأنثوية لتصير صورة مسخا من الرجل!! وما يجعل الناس يظنون ذلك ربما لأن الناس، في العالم كله وليس في مجتمعنا وحده، اعتادوا أن يزنوا النجاح في التعامل مع المواقف الحياتية المختلفة بمعايير السلوك الذكوري، فهم يجعلون آليات النجاح وطرقه محتكرة في ردود أفعال الرجال وما يقومون به من تصرفات ولا يتوقعون أن تكون للنجاح آليات سواها، ومن ثم هم يتوقعون من النساء الفشل متى قمن بالأعمال المصنفة من أعمال الرجال، وذلك لأنهن لا يملكن الآليات التي يتبعها الرجال ولا خصائصهم السلوكية. هذا المنظور يعني أن المرأة التي تطمح إلى النجاح في الأعمال التي ظل الرجال يحتكرونها أزمانا طويلة، عليها أن تتخلى عن أنوثتها وما تتسم به من آليات وصفات خاصة بها مختلفة عن آليات وصفات الرجل، وتأخذ في تقليد تصرفات الرجال والتشبه بهم وتقمص شخصياتهم. لكن هذا المنظور مبني على أساس خاطئ، وما بني على خطأ فهو خطأ، فما الذي يثبت أن تصرفات الرجال والآليات التي يتبعونها هي وحدها الطريق الأمثل إلى النجاح؟ ألسنا نرى المجتمعات تعج بالمشكلات والفساد والخلل وهي واقعة في قبضة الرجال؟ ومن قال إن النساء سيفشلن حين يتعاملن مع القضايا العامة بمنظورهن المختلف عن منظور الرجل؟ يكرر الكارهون انغماس المرأة في الشؤون العامة قول: المرأة ضعيفة لا تتحكم في أعصابها وتغلب عليها عاطفتها وتنخرط سريعا في البكاء، لكن هذا الضعف المشار إليه، الذي يتجسد فيه العجز عن ضبط الأعصاب، هو ليس سمة خاصة بالمرأة وحدها، فالرجل أيضا يعجز عن ضبط أعصابه وتغلب عليه عاطفته فينساق وراء انفعالاته، كل ما هنالك أنه يستخدم أداة للتعبير مختلفة غير التي تستخدمها المرأة، فإذا كانت المرأة تغرق في دموعها عند مواجهتها بعض المواقف الحياتية، فإن الرجل يغرق في الصراخ والسباب وربما التعدي باليد، فصفة غلبة العاطفة والعجز عن ضبط الأعصاب صفة مشتركة بين الجنسين، إلا أن صورة التعبير عنها تختلف ما بين المرأة والرجل، ويبقى التفاضل بين الجنسين في التصرفات محكوما بمستوى القدرة على ضبط النفس قدر الإمكان، وليس في نوع التعبير عن الانفلات العاطفي، أهو انفلات في الدمع أم انفلات في الصراخ والتعدي. إن الفشل والنجاح رهن جودة التصرف، وليس رهن آلية خاصة بالرجل أو المرأة، وجودة التصرف مقيدة بدرجة المعرفة والمهارة وحسن التفكير والأمانة والإخلاص والصدق، وهي صفات عامة ليست وقفا على جنس دون غيره. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة