أعاد الاتهام الأمريكي لفيلق القدسالإيراني بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، هذا التشكيل العسكري الأمني إلى الواجهة، والذي هو من أبرز مكونات الحرس الثوري الإيراني، المكلف حماية السلطة القائمة من أعدائها في الداخل والخارج. حتى إن الحكومة الأمريكية فرضت عقوبات اقتصادية على هذا الفيلق في السنوات الأخيرة، لأكثر من سبب، وقد لا تكون آخرها العقوبات المستحدثة بسبب محاولة الاغتيال في العاصمة الأمريكية، وهي أخطر عملية خارجية من نوعها تنسب إلى هذا الفيلق السيئ السمعة. ويطرح السؤال دور فيلق القدس، وما هو موقعه من الحرس الثوري، وما هي الجهة السياسية المشرفة على أعماله؟ فعقب الإطاحة بشاه إيران، وتحديدا في 5 مايو عام 1979، أصدر الخميني قرارا بتشكيل «الباسدران» أو الحرس الثوري، وأوكل إليه حماية الثورة الناشئة من أعدائها المحتملين، وكان الداعي إلى ذلك، عدم الثقة في الجيش الإيراني آنذاك، رغم تعرضه لحملات تطهير مكثفة. واشتهر «الباسدران» بخوضه الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) ضمن كتائب مستقلة أو مع الجيش النظامي. وبحلول عام 1986 بلغ عدده 350 ألف فرد، وتطور مستواه ليصبح جيشا نظاميا رديفا، مع تشكيل قوات برية، بحرية، وجوية تابعة له. كما بات له جهازه الأمني الذي يتتبع أعداء النظام في الداخل، وكان من إنجازاته إلقاء القبض على قادة حزب «تودة» الماركسي الموالي للسوفييت وقتها. وبعد تشكيل قوة الباسيج، أو المتطوعين حيث بلغت درجة التعبئة أكثر من 900 ألف فرد عام 1988، وضعت هذه القوة تحت قيادة الحرس الثوري. وبعد الاضطرابات التي وقعت عام 1993، تشكلت «ألوية عاشوراء» لمواجهة أحداث مماثلة. أما بالنسبة للعمليات الخارجية، فقد تكون داخل الحرس الثوري «فيلق القدس» الذي يتولى تدريب وتوجيه عدد من حركات المقاومة. وحسب تقرير الموقع المتخصص «غلوبال سيكوريتي»، فإن فيلق القدس مكلف أيضا بجمع المعلومات اللازمة لتنفيذ العمليات، وأعضاؤه يعينون في البعثات الدبلوماسية الإيرانية في أنحاء العالم، حيث يتولون بأعمال روتينية لمراقبة المنشقين عن النظام. وتكشف وثيقة دبلوماسية أمريكية نشرها موقع «ويكيليكس» مؤرخة في 28 ديسمبر عام 2007، مدى تورط «فيلق القدس» في عمليات أمنية داخل العراق بعد سقوط النظام السابق، عبر مؤسسات عراقية مدنية، تعنى بالإعمار والثقافة والقضايا الإنسانية، حين مول مسؤولين عراقيين برواتب شهرية، ودعم عمليات عسكرية ضد القوات العراقية والأمريكية. وإذا كان العضو المشار إليه في الوثيقة قد عمل في السبعينات والثمانينات في لبنان، فإن نشاطه امتد إلى العراق قبل عام 2003 وبعده، والتقى قادة في المعارضة العراقية ونسق معهم العلاقات الناشئة مع الأمريكيين، ثم اهتم باصطناع واجهات عراقية للعمل السري داخل العراق. أما ما هي الجهة المشرفة على «فيلق القدس» وعلى غيره من مكونات الحرس الثوري، فإنه من المعلوم أن الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد خرج من صفوفه إلى الحكم، ونال دعما حاسما منه خلال ولايتيه على رأس السلطة، إلا أن السائد أيضا أن لمرشد الثورة الخامنئي صلاحيات أعلى من رئيس الجمهورية، كما أن الحرس الثوري دخل منذ سنوات في مجال المقاولات وتأسيس شركات البناء والتجارة، فأصبح كيانا متكاملا.