عبر أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة في الجامعة اللبنانية ورئيس تحرير مجلة الباحث في باريس الدكتور جورج زناتي عن سعادته بنيله جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، في دورتها الرابعة عن ترجمته لكتاب «الذاكرة، التاريخ، الإنسان» للمفكر بول ريكور من اللغة الفرنسية إلى العربية. وأضاف الدكتور زناتي، في حوار بمناسبة حفل تسليم الجائزة في العاصمة الصينية بكين البارحة الأولى، أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذه الجائزة العالمية، تعزز جهوده الكبيرة لتحقيق التفاهم والتعايش السلمي بين أبناء الحضارات والثقافات وأتباع الأديان كافة، وفيما يلي تفاصيل الحوار: * في البداية، ماذا يعني لكم الفوز بجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الرابعة؟ - لقد فاجأني هذا النبأ السعيد وبقدر المفاجأة كان الفرح، لأني أدركت أن العمل الذي بذلت له الجهد الكبير كي يكون متاحاً للقارئ العربي وجد من يقدره حق قدره، وذهب كل تفكيري في هذه اللحظة إلى راعي الجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز متمنياً أن يمده الله بالصحة والعافية، وكان امتناني كبيراً لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة والتي تشرف على هذه الجائزة ولكل العاملين بها للمجهود الذي بذلوه من أجل حسن القيام بمهمتهم. الرعاية الكريمة * الجائزة العالمية تحمل اسم ورعاية خادم الحرمين الشريفين في إطار مبادرته لتعزيز الحوار بين الحضارات، ما هي دلالات ذلك؟ - الحرمين الشريفين لهذه الجائزة تعزز الجهود الكبيرة التي يبذلها لمد جسور التعاون والتفاهم بين الحضارات على أساس من المعرفة الحقيقية لكل حضارة ومساهمتها في مسيرة الإنسانية، ومثل هذا التفاهم المبني على المعرفة بالآخر وما عنده فعلاً يقوم أولاً عن طريق الترجمة التي تساهم في محاربة الأفكار المسبقة القائمة بين البشر والتي تشيد الحواجز بين مختلف الأمم فتمنع التواصل الحقيقي بينها. وهذه الجائزة تشكل جسراً متيناً يستطيع حوار الحضارات أن يعبر عليه من أجل بلوغ إنسانية متحررة من كل أسباب سوء الفهم التي تقف حجر عثرة بين الأمم وتقاربها. النهوض بالترجمة * ما هي رؤيتكم لدور الجائزة في النهوض بحركة الترجمة من اللغة العربية وإليها؟ - لا شك أن لهذه الجائزة دورا كبيرا جداً في تنشيط حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها لأنها جائزة قيّمة في تنظيمها ومعايير الترشيح لها، بالإضافة إلى تنوع مجالاتها بين العلوم الإنسانية والطبيعية وتتناول شتى ميادين المعرفة، ولم تكتف بنقل ما عند الآخر بل شاءت كذلك أن تنقل ما عندنا للآخر، لذا فإنها تمثل حافزا كبيرا لكل المهتمين بالترجمة الرصينة وقادرة على استقطاب العديد من الباحثين الجيدين وتستقطب العلماء والأكاديميين كي يولوا الترجمة ما تستحقه من اهتمام فلا تبقى مجرد نشاط هامشي. الأعمال الفلسفية * على ضوء خبرتكم، ما هي الصعوبات المرتبطة بترجمة الأعمال الفلسفية؟ - تقوم الفلسفة على مجموعة من المفاهيم التي تتغير من حقبة زمنية إلى حقبة أخرى، وحين نترجم الفلسفة الغربية الحديثة أو المعاصرة فإننا نصطدم بمفاهيم مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتطور الثقافة الغربية كلها، وغالباً ما تكون جديدة بالنسبة لنا وليس لها مقابل عندنا. ومن هنا كان على المترجم أن يشتق ويستنبط من دون أن يخالف عبقرية اللغة العربية وجمالها. واللجوء إلى التراث الفلسفي العربي السابق يساعد في كثير من الأحيان في تخطي الكثير من الصعوبات فلا بد من الاطلاع الجيد عليه. الاستفادة العلمية * هل ثمة مقترحات لتعزيز فرص الاستفادة من الأعمال الفائزة بالجائزة؟ نحن نعيش في عصر تسيطر عليه وسائل الإعلام (الميديا) والوسائل الحديثة للتواصل لبيان قيمة هذه الأعمال للباحثين والدارسين وطلاب العلم، لذا لابد من توظيف هذه الوسائل في التعريف بالأعمال الفائزة وأن تحظى هذه الأخيرة بتغطية إعلامية جيدة تشمل مناقشتها علمياً، وإقامة حلقات وندوات متخصصة حولها. كذلك لا بد من اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعية التي تتطور في أيامنا بسرعة مذهلة.