العبارة أعلاه ليست كلمة موجهة من أمين إحدى المناطق لمواطن يضطرم حماسا وغضبا، فيقول له الأمين «توكل على الله»، الكلمة أعلاه أعني بها «توكل كرمان»، التي لا بد أنكم تعرفونها الآن. الفرق بين توكل الأولى وتوكل الثانية، أن الأولى تثير جوا من الفوضى والصخب وتستفز بسرعة، لأن أعصابها قصيرة الفتيل وحيلتها ليست إلا في الصراخ، أما توكل الثانية ينشيها صخب المواطنين وسخطهم على ما لا يرغبون. الأولى يخل بتوازنها التكرار ويوصلها لأعلى درجات الألفاظ الممجوجة ويتوقف عقلها الواعي ليتولى ما تحت قشرة المخ السيطرة، الثانية يحمس أعصابها التكرار ويوصلها لنوبل. الأولى كثيرة الوجود ويصنع منها بالجملة في الأمانات والوزارات، الثانية وجودها يكاد أن يكون شبه منعدم. الأولى نموذج لأدعياء التنمية في العالم الثالث، الثانية نموذج لا يتعرف عليه العالم الثالث جيدا. الأولى نخجل من وجودها رغم وجودها، الثانية نأمل وجودها رغم انحساره «عمدا أحيانا». الأولى لا تتكيف مع مواطني الشارع ولا تميز ما هو مطلب وما هو تفضل وتكرم، الثانية تعطي الريادة والشأن الكلي للمواطن الغلبان غير القادر على إعلان رأيه، وتحمل صوته وشجنه في أنبوبة إعلامية كثيرا ما انكسرت لتعود تصنعها من جديد. الأولى حداثية لا ترغب إلا في الترنم بسماع مطلب جديد حتى تكتمل لديها جملة المطالب وتستطيع بعدها أن ترسم خطوط الدفاع اللازمة ضد هذه المطالب، الثانية تعيد اجترار المطالب القديمة وتلصقها بالحديثة وتؤمن بأن «كثر الدق يفك اللحام». الأولى تأبى الظهور علنا وأعياها الإعلام الفاضح وكشف كل مستور كان يدس من تحت الطاولات الإدارية وحلحلة حبكاتها وأساليب اللفائف الذي تجيده، الثانية يخفيها الإعلام الفاسد قسرا حتى لا تفضح مؤسساته. الأولى لن نفخر ولن نحتفي بوجودها كالطفيليات بين ظهرانينا أبدا سواء هز الكلب الذيل أم هز الذيل الكلب، الثانية كان الاحتفاء بها وتمجيدها سبقا عالميا، وحظيت بالكثير من الاهتمام الدولي استحقاقا. هل فهمتم الآن أن «توكل» الأولى ليست مثل «توكل» الثانية؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة SMSإلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة