لأولئك الذين يعبثون بعقول العامة فيبهرجون الجحيم باللون الوردي، ويتجاوزون كل حقائق التاريخ وإحداثيات الجغرافيا لحدود سيادية حلمت أن تتمدد وتتسيد على حساب مكتسب الآخرين، ذاك حلم.. لأولئك الحالمين الذين يستمهلون الذاكرة لتلوين الظن بأنه عند كتابة التاريخ يتحول كل المزورين العقديين إلى أبطال، تدليسا لحقائق وبراهين ظاهرها اللين وباطنها التآمر.. ذاك حلم.. لأولئك الواثبين فوق الخطوط الحمراء والصفراء كافة، وفوق حتى خطوط العرض والطول في المنطقة، ليصلوا بالبعض إلى الاصطفاف برسن المذهب. ولأولئك الذين يتوسمون في كسرى الجديد أن يصبح شرطي التاريخ وفاتح الأمصار والثغور.. وذاك مغرب في الحلم.. يقينا، نحن لسنا أمام استراتيجية مبهمة، بل أخرى لها «مجلس ظلالها» و«فرسان هيكلها» ومهرطقوها الذين يبحثون عن «حجر المرتكز» الضائع في غياهب التاريخ المصنوع. نحن أمام تواتر تاريخي يخصب فى مناطق ذات ظروف وصراعات متنوعة، ووفق مرام خفية محددة تفضي إلى مصلحة مناطقية لدولة ابتدعت هذه الاستراتيجية، الأمر الذي نستنبط من ثناياه أن هناك عقولا مخططة تتمتع بكفاءات شيطانية ذات هيكلة قيادية للتخطيط والإدارة لصناعة الأزمات، وتجسيد «خط الوردة» المذهبي بإدارة كل الملفات، ضمن حالة مركبة من التوجهات وافتعال المعارك على الجبهات المتعددة. وبتصريحات ناعمة وخطيرة في آن، عندما تقول عاصمتها إنها: « مستعدة للمساهمة في حل مشكلات العالم». إن توخينا دقة، فإن الفرز السياسي أصبح في بعض دول المنطقة، مجافيا لما هو سائد في محيط سيادي طبيعي. أي السجال الصحي بين قوى اليمين وقوى اليسار، ونقيضا جنح بكامل ذهنياته إلى التكور في أحزاب وتيارات سياسية لا تعدو أن تكون واجهة لطوائف متشاحنة تصطرع فيما بينها على كعكة مذهبية. وبتمحيص صوغ التحالفات الإقليمية في المنطقة، فهو يتقاطع مع السياسات الداخلية لهذه الدول، ولا يتماهى ومصالحها في الإقليم وحدود أدوارها المشروعة دوليا في منطقتها، بل أصبحت صياغة هذه التحالفات تحاك وتدار وفق مبدأ الاصطفاف المذهبي العابر للحدود. بيد أن هذا المسعى الأعرج لم يقدر حق تقديره، فهناك حجم المناهضة السياسية والشعبية في الداخل العربي على هذا الدور الذي ثبت لديه أنه قائم على ركيزتي: التخريب في بنى المجتمعات العربية، ثم التمدد المذهبي ذو الوجه الحريري المبطن بنسيج خشن، فأدركت حقيقة الموقف. وكما هي طبيعة التنظيمات السرية كالماسونية وفرسان مالطة وغيرهما، وتطبيقا لمقولة أنه «كلما كان السر ممعنا في الخفاء، وكان الغموض أعمق، كان سحر الجاذبية أقوى»، تضيف الجمعيات السرية والتنظيمات الباطنية إلى شغف البعض بالمجهول وصولا إلى مآرب شخصية. ولعبت بعض الآيديولوجيات على حساسية هذا الوتر لتستقطب الاستدراج الناعم نحو الفكر الباطني للانخراط في عضويته. بالتالي أصبح من اليسير على أصحاب هذا الفكر تجنيد العناصر التي قد يستهويها الفكر الغامض والعقائد المركبة من الأسطورة والخرافة. ولعل هذه من بين أسباب استمرار وتطور العمل المستتر لناحية العقائد الدينية أو التنظيمات السياسية. إن الاصطفاف المضاد يبرز هنا كحالة ملحة وفق الراهن الماثل خطرا في مظاهره السياسية، العسكرية، والاقتصادية، ويتعين أن يصاغ ليس بالضرورة في جسم فيدرالي أو كونفيدرالي، بل شيء على نسق تجربة الاتحاد الأوروبي أو ما شابه. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 242 مسافة ثم الرسالة