اللافت هنا أن أصولية وخطورة القاعدة التي تبرر أعمالها الإرهابية تحت شعارات ديماغوجية زائفة مثل حرب الفسطاطين، والولاء والبراء، وجهاد الدفع وجهاد الطلب، تواكبت مع صعود وتبلور أصولية أمريكية على الجانب المقابل، وقد استغلت أحداث سبتمبر لتكشف عن وجهها وخططها المبيتة ومن خلال شعارات تكاد تكون متماثلة مع ما ترفعه القاعدة مثل العناية الإلهية التي تحفظ أمريكا وتدفعها لقيادة العالم، وتقسيم العالم إلى معسكر الخير الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية ومعسكر الشر الذي يضيق ويتسع وفقا للأجندة والمصالح والاستهدافات الأمريكية، كما يندرج ضمنه الشعار الموجه للعالم بأسره الذي طرحه الرئيس بوش «من ليس معنا (ضد الإرهاب) فهو ضدنا». لقد وجد المحافظون الجدد في أحداث سبتمبر الإرهابية ضالتهم المنشودة من خلال توفر الشروط والظروف المواتية للتبشير بنموذجهم (الراديكالي) الجديد في الهيمنة الكونية وتغيير العالم وتفكيك خرائط المنطقة وإعادة صياغتها من جديد، والتي تعكس إلى حد كبير مصالح المجمع النفطي/ العسكري الاحتكاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية من جهة، كما تلتقي مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل في عموم المنطقة من جهة أخرى، وذلك من خلال النزعة الإمبريالية وفرض هيمنة الإمبراطورية الأمريكية، أو ما أطلق عليه الاستراتيجية الأمريكية للقرن الواحد والعشرين (التي وضعت في بداية التسعينات من القرن الماضي) والذي ينبغي أن يكون أمريكيا بامتياز، الأمر الذي تطلب قيام ائتلاف فضفاض لكنه قوي شمل المحافظين والمسيحيين الجدد ومراكز الضغط (اللوبيات) الصهيوني واستند هذا التحالف إلى تنظير مفكري اليمين الأمريكي من أمثال هينتنغتون (صدام الحضارات) وفوكوياما (نهاية التاريخ وانتصار الليبرالية وقوى السوق) وبرنارد لويس (التناقض والصراع الحتمي بين الغرب والإسلام) وإلى الدراسات والتوصيات التي تصدرها مراكز الأبحاث اليمينية مثل مؤسسة «راند» و «مجلس السياسة الدفاعية».. وبدلا من وضع تعريف وتشخيص محدد للإرهاب وسبل مكافحته باعتباره مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته المختلفة احتكرت ووضعت إدارة الرئيس السابق جورج بوش تشخيصها وتعريفها للإرهاب، وحددت الإجراءات (بشكل أحادي) التي تراها مناسبة لمكافحته وفقا لمصالحها وحساباتها وتوجهاتها الأيديولوجية (الإمبراطورية) وعلى طريقة رعاة البقر (الكاوبوي )، حيث نصبت نفسها قاضيا ومدعيا وجلادا في الوقت نفسه، وذلك في تحدٍ واحتقار واضح للشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان والشعوب في العالم، ودون أي اعتبار للمصالح الحقيقية للشعب الأمريكي الذي تعرض ويتعرض باستمرار إلى عملية تضليل واسع النطاق، من خلال الشحن الإعلامي والسياسي، وتشويه الحقائق وفبركة الأكاذيب على غرار ما طرحته الإدارة الأمريكية من امتلاك نظام صدام حسين السابق لأسلحة دمار شامل وعلاقاته بالإرهاب وتنظيم القاعدة، بحيث بات الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي بالكاد فاز في انتخابات الرئاسة أمام منافسه الديمقراطي آل جور يحصل على تأييد 90% من الأمريكيين إلى جانب أغلبية ساحقة في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي إزاء خطط الحرب ضد أفغانستان والعراق. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة