تنزف الذاكرة الجمعية لأهالي قرى قيس الجبلية في منطقة جازان بمشهد الحوادث الفاجعة في الطرق الوعرة في المنطقة، والتي يزداد إيقاعها في مواسم الأمطار من كل عام. لم تكن جولة وكيل إمارة جازان الدكتور عبدالله السويد أخيرا لجبال قيس، سهلة ومفروشة بالورود فكانت مخاطر الطريق العقبة الأولى فيها، وأجمع من شارك في هذه الرحلة من مديري الدوائر الحكومية والإعلاميين أن وضع سكان هذه الجبال يستحق الوقوف عليه والرفع العاجل من معاناتهم فالسكان من سنوات طويلة يطالبون بمشاريع في للطرق، الصحة، المياه والخدمات البلدية وتأتي الطرق في مقدمة العوائق لتلبية متطلبات سكان جبال قيس فالخدمات الصحية والبلدية والمياه تحتاج إلى طرق تصل فيها الخدمات لكل قرية وهجرة في هذه الجبال الشاهقة والتي رابط فيها أهلها وأصروا على البقاء حبا لترابها وكل صخرة بها. أهالي قيس استقبلوا وفد وكيل الإمارة ومرافقيه، معلقين الآمال على هذه الزيارة لعلها تجعل الجميع يتذوقون شيئا من المرارة التي يتكبدونها يوميا والواقع أن هذا المغزى حصل مع أول وصول للوفد لوادي سقم، حيث بدأ الطريق الترابي والشريان الصعب والمتمثل في منحدرات خطرة وطلعات مخيفة والمهاوي التي يفزع لها القلب وكانت سيارات الدفع الرباعي هي الوحيدة التي تستطيع اختراق هذه الطرق. شاهدنا في هذه الجولة سيارات تتعثر وأخرى تخرج عن الطريق ونزول وصعود لكثير من المرافقين من السيارات في الطلعات الخطرة، واستمر بنا الحال إلى أن وصلنا مركز الإمارة في المجازيع وكنا نتصور أنها نهاية الجولة، وتجمع الكثير من الأهالي، وكان في مقدمة المرحبين رئيس المركز محمد الحريصي ومشايخ قيس يتقدمهم الشيخ حيدر بن دخنان القيسي، وبعد دخول وكيل الإمارة مقر المركز استقبل شكاوى من المواطنين عن الطرق، الصحة، التعليم، والخدمات البلدية. وبعدها بدأت رحلة أخرى وإذا بالسيارات تتجه لأعالي جبال قيس، سألنا رئيس الشؤون الإعلامية في إمارة المنطقة ياسين القاسم عن وجهتنا فكان رده: نحن في بداية الطريق فأمامنا طريق شاق إلى مقر الشيخ حيدر القيسي، ومع أول صعود سقط رجل أمن تابع لحرس الحدود من حوض سيارة كانت تقله وتأثر فكان مدير صحة جازان الدكتور محمد الأكشم مستعدا لمثل هذه المواقف فسارع وأسعف المصاب وضمد جراحه. شاهد الجميع المعاناة بأم أعينهم وأخذنا قسطا من الراحة وداخل مجلس الاستقبال أخذ العميد مليدان آل مليدان يشرح على خارطة معه لوكيل الإمارة ومرافقيه مواقع مراكز حرس الحدود بجبال قيس والطرق الموصلة لها، وكذلك مواقع القرى في هذه الجبال، ثم استقبل وكيل الإمارة شكاوى وطلبات توظيف وشكاوى شفهية وكان متفاعلا مع الجميع وأخذ يتطلع يمينا ويسارا وبقربه مديري الدوائر الحكومية، مدير إدارة النقل، مدير عام صحة جازان، أمين منطقة جازان ومحافظ العارضة ويوجه بسرعة اتخاذ التدابير العاجلة لرفع المعاناة عن هؤلاء المواطنين. وبعدها خرج وكيل الإمارة إلى مكان مرتفع وأخذ العميدا مليدان ومحافظ العارضة محمد الغزي يطلعونه على مواقع القرى والمراكز الحدودية والتي تشاهد مواقعها بالعين حصلنا على فرصة وسألنا سعادته عما شاهده ولمسه في هذه الجولة فقال وكيل الإمارة «جولتنا هذه جاءت بناء على تعليمات من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان الذي يتولى بنفسه الكثير من الجولات ويسعى جاهدا لتلمس احتياجات المواطنين في كل شبر من المنطقة وهناك حلول عاجلة كلف المسؤولين بسرعة اتخاذها، وأول ذلك الطرق التي لا نستطيع وصف حالها بأكثر من أنها صعبة جدا وكلفنا مدير إدارة النقل بزيادة المعدات لتسوية الطرق أول بأول ومتابعة المؤسسة المنفذة لمشروع الطريق لسرعة الإنجاز، وكذلك الجانب الصحي والمياه ونعد السكان بوضع مطالبهم في الأولوية والعمل على رفع المعاناة عنهم حسبما أسلفت بحلول عاجلة وحلول مستقبلية وستكون لنا عودة لهذه الجبال بعد أشهر لنقف على ما يتم إنجازه». من جهته، أوضح الشيخ حيدر القيسي أن معاناة الأهالي مع هذه الطرق مستمرة منذ سنوات طويلة، وأقول إن الطرق هي أول مطلب وأهمها وهناك مؤسسة تنفذ جزءا من الطريق، لكن عملها يسير ببطء بعيد عن المتابعة والرقابة كونه في منطقة جبلية بعيدة ولكن هذه المؤسسة كثفت عملها عندما علمت بجولة الدكتور السويد. وأضاف أن هذه الطرق كمن أجهضت حوامل وقضت على سائقين ومرافقيهم، ثم إن لنا مطالب سابقة بإنشاء مستشفى وجهزنا له المقر ولكن للأسف ذهب أملنا فيه ولعل هذه الزيارة تعيد أمل إنشائه ونطالب بمشاريع المياه لأن صهاريج السقيا لاتفي باحتياجاتنا. رحلة العودة لم تكن أسهل من الصعود وشاهدنا الصخور التي كنا نسير عليها وقد تحول لونها إلى اللون الأسود من أثر إطارات السيارات التي لصقت بها، رحلة المشقة الصعبة انتهت بوصولنا مقر المحافظة وبدأنا نعد الأيام لنرى كم هو الوقت الذي سيستغرق لإكمال المشاريع العاجلة لأهالي قيس وفي الجولة المقبلة التي وعد بها الدكتور السويد ستكشف ما تم إنجازه.