يستدرجنا منهاج التمكين نحو التركيز على أهمية خيارات المرأة على مستوى منجزها الشخصي، وعلى معيارية علاقتها بالأسرة، العائلة، والمجتمع. وهذا يعني، بالضرورة، إسهامها في صياغة الحدث الجمعي الذي يشكل حياتها، وفي تحديد نوع الإصلاح المطلوب والمفضي إلى العدالة والاستدامة. إن استدعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مواقف المرأة المسلمة عبر التاريخ، فهو يستدعي أن المجتمع يؤمن بأن نصفه الآخر يتأثر مثله تماما بالتحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، على صعدها بالتنمية الاقتصادية، الاجتماعية، أو بالسلم والأمن. بل إن المرأة كثيرا ما تكون أشد تأثرا بهذه التحديات، ومن ثم يتعين أن تسهم بفاعلية في صنع القرار في المجالات كافة بذات القوة وبنفس الإعداد. وقد يستنفر ذواتنا المفكرة مفهوم إدماج النوع الاجتماعي، إثر سياق مفهوم التمكين الذي يرسي مبدأ إدماج النوع في الخطط، السياسات الكلية، والقطاعية كذراع رئيسة يمكن المرأة ويثري مشاركتها في مناحي التنمية. ويضع مبدأ الإدماج، من منظور نوعي، مراحل تقويم أي فعل مخطط ومدروس يؤثر على المرأة والرجل، بما في ذلك القوانين، السياسات، أو البرامج على المناحي كافة، بغية تساوي الجنسين في الفائدة، وهنا، أتى حق المشاركة في مجلس الشورى ترسيخا لعدالة مبدأ التمكين. إن الإدماج لا يستنبط معنى إضافة مكون نسائي، أو حتى مكون مساواة نوعية في سياق حراك الوطن فحسب، بل يقتضي تجذيرا لكل المستخلصات الحياتية، وربما يتطلب تسريعا مدروسا للأهداف والإجراءات، بغية الإفادة من إمكانات حواء الأكاديمية، الاجتماعية، والاقتصادية، وهي مكتسبات لا يستهان بها. إذن، يبقى المقتفى حول مفهوم الإدماج، هو تفعيل البنى الاجتماعية والمؤسسية، وتأطيرها في بنى نموذجية يتضافر في مغزاها الرجل والمرأة على السواء. وهو ذات المقتفى الذي سعت إليه الأممالمتحدة حول دور المرأة في صنع القرار، بوصفه عاملا للنهوض بها في أنحاء العالم، ومن أجل تقدم البشرية جمعاء، حسب ما جاء في إعلان «بيجين». أتى حديث الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في فحوى إقراره مشاركة المرأة عضوا في مجلس الشورى والسماح لها بالمشاركة عضوة وناخبة في المجلس البلدي، ضمنية توفر البيئة الآمنة، وهو تعبير بالغ الدقة والأهمية، إذ يستحيل على المرأة أن تتطور بمعزل عن المنظومة الاجتماعية، وما يطرأ على مجتمعها من إحداثيات إصلاح. فإن غابت البيئة الآمنة في الحياة السياسية، مستصحبة تعميقا للحريات وصدقيتها، فإن ذلك، يقينا، سينعكس على وضع المرأة والإدلاء بدلوها السياسي. وكذا، إن لم تتمتع مساحة الاستثمار الاقتصادي ببيئة آمنة واحترام لكفاءة وقدرات المرأة، فذلك يعني تقلص تأثيرها في دولاب النمو. وإن غاب الحوار الثقافي والحضاري في مجتمع يدرك كيف يختلف ويتفق على قضاياه المعاصرة، فربما تتقاطع المرأة والفعل الثقافي. يظل تناول القرار لمشاركة المرأة، معاملتها كفرد إنساني بكامل الملكات، مالك لإرادته، ومستقل في ترجيح خياراته، ضمن قيمية الشرع والأخلاق، إذ لم يرد أمر إلهي واحد يعطي الأحقية للرجل على استبعاد المرأة، أو إجبارها على تقبل أمر هي لا تريده. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 242 مسافة ثم الرسالة