استنطق الدكتور عبدالرحمن الشبيلي البارحة في أدبي جدة الوثائق بحثاً في تاريخ «مجلس الوكلاء» الذي اعتبره معلما دستوريا لم ينل حظاً كافياً من التدوين، ولم يعد يذكر الآن، مشيرا إلى أهمية توثيقه وتقصي معلوماته. محاضرة الشبيلي التي تعد أولى أنشطة أدبي جدة في قاعة «حسن شربتلي» التي، حملت عنوان «مجلس الوكلاء في مكةالمكرمة نواة السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) في عهد الملك عبدالعزيز 1350 - 1373ه (1931 - 1953م)» وأوضح الشبيلي في المحاضرة أن مجلس الوكلاء احتل لمدة تزيد على عشرين عاماً مكانة مهمة على صعيد تطور التنظيم الإداري، بوصفه النواة الأوضح للسلطة التنفيذية في البلاد، لتأخذ بها الدولة السعودية المعاصرة إبان مسيرة توحيد المملكة في إطار تشكيل السلطات الثلاث: التشريعية (التنظيمية) والقضائية والتنفيذية. وأبان الشبيلي أن فكرة «مقاربة» لهذا المجلس قد تشكلت في أواخر حكم الهاشميين في الحجاز. واستطرد الشبيلي «يمكن، من أجل توضيح تلك التطورات التنظيمية المتكاملة والمتسارعة، التي أوصلت في نهاية تلك السنوات الست، إلى استقرار نظام الحكم ليس في الحجاز فحسب بعد تغير نظامه السياسي، مروراً بتنظيم شؤون مملكتي الحجاز ونجد تحت مظلة العهد السعودي، ولكن في الوطن الموحد كله، وإلى تثبيت معالم السلطات الدستورية الثلاث، وبالتالي إلى تمهيد الطريق نحو إعلان توحيد البلاد تحت علم واحد وعاصمة سياسية مركزية، أن تقسم – أي التطورات المتلاحقة – اجتهادياً إلى مسارات ثلاثة: -المسار الأول، وقد أوصل إلى تحديد معالم السلطة الدينية والقضائية، وهو موضوع طويل يحتاج إلى وقفة توثيقية متعمقة وشاملة. -المسار الثاني، هي التطورات التي قادت إلى نشوء السلطة الدستورية الثانية (التنظيمية) عبر المنهج الإسلامي الشوري، وقد بدأ منعطفه بإعلان مملكة الحجاز دولة إسلامية شورية في أول وثيقة دستورية محررة. جاءت تطورات هذا المسار مع قيام المجلس الأهلي المنتخب الأول بمكةالمكرمة برئاسة عبدالقادر الشيبي، الذي تشكل في منتصف عام 1343ه (1924م)، لإدارة شؤون مكةالمكرمة فور دخولها في الحكم السعودي. - أما المسار الثالث، وهو الذي أفضى إلى نشوء السلطة التنفيذية (مجلس الوكلاء) فقد بدأ عندما صدر أمر الملك عبدالعزيز بتشكيل لجنة التفتيش والإصلاح، بهدف مراجعة الأوضاع الإدارية للدولة بشكل عام، وذلك بعد مضي أشهر من صدور التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية.