ما يتم إعداده حاليا في العاصمة القطرية الدوحة استعدادا لتكريم الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن هناك في العشرين من أكتوبر ، في نظر المتابعين لأكبر الأحداث الثقافية في المنطقة أمر يدلل على أن المهرجان الذي سيقام ليوم واحد سيكون بمثابة التكريم الأنموذج في عالم الفن والأدب في منطقتنا ، أول ما استطعنا الكشف عنه من برامج يوم التكريم ستكون الظهور الرسمي الأول في مهرجان لفنان العرب محمد عبده وفي حفل جماهيري والذي تقرر أن يقدم فيه محمد عبده ثلاث أغنيات من مراحل مختلفة في مشوار البدر مع الشعر والكلمة وبالفعل اختيرت أغنية «حسايف» من إبداعات السبعينيات الميلادية، «أرفض المسافة» من إبداعات الثمانينيات واغنية جديدة تطبخ على نار هادئة بين شاعرها ومحمد عبده لتمثل اغنيات القرن الجديد والتي لا يشك أحد أنها ستكون ممثلة لطموحات الغناء السعودي وطموحات البدر ومحمد عبده في نفس الوقت. ملامح مهرجان تكريم بدر من أهم ملامح ومواصفات مهرجان التكريم أن فرق اوركسترا من العالم ومن مصر ستكون من يحيي هذا التكريم الكبير للبدر في سماء أغنية الخليج وأن هذا المهرجان سيقام في افتتاح أول لجزئية مهمة في موقع وحي «كتارا» الثقافي العالمي في الدوحة في سفح المسرح الكبير المطل على البحر وهي الجزئية التي سيشاهدها العالم لأول مرة وهي منقولة على الهواء بعد أن سبق أن استخدمت الكثير من القاعات والمسارح في حي كتارا الثقافي في مهرجان الدوحة الأخير للأغنية. آمال ماهر . . والوعد الثاني كثير هم المطربون العرب الذين تقررت مشاركتهم في مهرجان تكريم البدر ولكن يأتي في مقدمتهم بعد محمد عبده آمال ماهر حيث ستؤدي برفقة فرقة الأوبرا المصرية وفرقة الموسيقى العربية واوركسترا القاهرة إحدى أجمل مواعيد الجمال بين بدر والراحل طلال مداح من ألحان سراج عمر ثالث توائم الإبداع «بدر ، طلال ، سراج» وهنا تكون آمال ماهر أحدث النجمات العرب اللائي ارتبطن بإبداعات الوسيقى والغناء السعودي بشكل اكثر وضوحا بعد تجربتها الأولى مع إبداعات الأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد ومحمد عبده «شبيه الريح» التي قدمت على خشبة مسرح مهرجان الدوحة الغنائي منذ أعوام. وللموعد الثاني قصة كثيرون لا يعرفون أن لأهم مواعيد اللقاء الجميل بين كلام بدر وحنجرة الباقي أبدا بفنه في قلوبنا طلال مداح اغنية «الموعد الثاني» التي اختارها مدير مهرجان تكريم البدر في الدوحة الفنان محمد المرزوقي عنوانا لهذا المهرجان . . قصة كبيرة تفضي إلى انها واحدة من أهم أغنيات الصدفة في حياتنا اما كيف فهذه هي القصة: عندما سجل سراج وطلال مداح في القاهرة أجمل مجموعة غنائية جمعتهما في منتصف السبعينيات التي ضمت «وعد ياحبيبي ، هلي الجدايل ، ما أطولك ليل وغيرها» مع مهندس الصوت الشهير في ستوديو 36 في ماسبيرو القاهرة زكريا عامر، اما لماذا صدفة ذلك كون طلال مداح رحمه الله أنهك وهو يسجل عددا من أغنياته مع سراج وكان نصيب الأخيرة» الموعد الثاني» أن يكون الدفن حيث قرر طلال «خلاص» التوقف وعدم الغناء وربما لو تم ذلك لنسيت في أدراج الرياح او التاريخ . هنا أصر سراج الذي كان يحاور طلال بالمايك وهو في الكونتول وطلال في الاستوديو أمامه من خلف زجاج شوت أبا عبدالله وهو الذي كان قد « عصلج» تماما بل وترك الاستوديو قادما إلى سراج وزكريا عامر لسماع الاغنية التي سبقت، وهنا يقول سراج عمر . . انهكت وأنا أقنع طلا بالعودة إلى الاستوديو ليغني الموعد الثاني وهو يرفض إلى أن قلت له: طلال ادخل حتى وانت تعب الى هذه الدرجة . . غن ثم تعال الى الكونترول لنسمع سويا إذا أعجبك ماقلت ، توكلنا على الله واذا لم يعجبك فمصير الشريط هذه الزبالة التي أمامنا ، فوافق طلال ودخل الاستوديو . أما الأمر الذي لا يصدق أن طلال «شات» الأغنية شوتة واحدة دون إعادات وجاء إلى الاستوديو ليسمع ماقال وفي يده سيجارته المارلبورو التي لا يفارقها بل ونسمع سويا ، ليقول في النهاية: نتكل على الله . وكان ان نالت الأغنية اهم درجات النجاح بين أغنيات المجموعة تلك ، وانطلق نجاحها منذ عرض حلقة طلال في برنامج «سهرة مع فنان» عندما اعتمد التلفزيون السعودي أيامها تصوير اغنيات فنانينا في هذا البرنامج بغية ان يكون ارشيفه حافلا بأغنيات مصورة «ألوان» لدخول تلفزيونات المنطقة مرحلة اللون . هي نفس السهرة التي أخرجها بشير مارديني وشاركت في تقديمها يومها المذيعة دنيا بكر يونس وشاركت فيها غناء ومشاركة الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية مع زوجها الموسيقار بليغ حمدي ويومها غنت وردة أغنية مقادير للراحل محمد العبدالله الفيصل وسراج عمر . بدر السبعينيات عندما قدم الراحل طلال مداح أغنيته الأشهر وليس بالضرورة الأفضل «مقادير» كلمات الأمير الراحل محمد العبد الله الفيصل رحمه الله في العام 1974 وأحدث ذلك منعطفا كبيرا في حياة فن ونجومية ومشوار طلال مداح كان الأمير بدر بن عبد المحسن بطل الأغنية المقابلة لنجاح مقادير طلال عند محمد عبده في نفس الموسم «الرسائل».. التي اطلقها محمد عبده لأول مرة في حفل قاهري رددتها معه كل الأسماع إلى درجة عرفت فيها الأغنية عربيا قبل انتشارها محليا.. فكانت بمعنى اشمل الأغنية المقابلة لنجاح مقادير في صراعات التحدي غير المعلنة بين فن طلال مداح وفن محمد عبده في خارج المملكة استكمالا إلى الصراع بينهما في الداخل بالتزامن مع بدء انطلاق السياحة السعودية خارجيا بشكل مكثف وكبير في بداية السبعينات الميلادية الى درجة أنها تحولت الى حدث شعبي بعد أن اتيح لمعظمنا اصطحاب عائلته في سياحة خارجية بعد ان كان هذا الأمر مقتصرا على علية القوم والقوى الاقتصادية الأكبر من شرائح المجتمع المختلفة.. فكان بالتالي رواج الحفلات الغنائية لنجوم الفن السعودي في تلك الاتجاهات السعودية سياحيا مثل بيروتوالقاهرة ومن ثم لندن وباريس أمرا ممكنا وسهلا فحمل طلال مداح ومحمد عبده هذه المهمة على عاتقيهما بشكل أكثر وضوحا.. هذا في السبعينات بعد أن كانت هذه المهمة قبلا وفي الستينات تحديدا بهجرات صيفية متوالية لكبار فنانينا يومها طارق عبد الحكيم، عبد الله محمد، غازي علي، جميل محمود، فرج المبروك وغيرهم الكثير في صيف لبنان. بدر الشعر وبدر الغناء وكأن التحدي والحماس بين الصوتين في عالم الغناء السعودي طلال مداح ومحمد عبده أمر لابد أن يقع ويعاش في حياتنا الثقافية والاجتماعية، ففي مشواري البدرين طلال ومحمد كان هناك ضوء بدر آخر ، بدر الشعر . . بدر بن عبدالمحسن الذي وضع بصماته على كل محطات النجومية وصناعة النجومية بل وصناعة فن أغنية سعودية حديثة مبنية على شعر شعبي حديث لم تألفه الذائقة السعودية قبلا فإما نمطيا شعبيا عمودي «النبطي» الأشبه في بنائه للعمودي الفصيح أو نصا عاميا وشعبيا . أما عن التحدي بين طلال مداح ومحمد عبده في مشوارهما الطويل مع الغناء فكان لنصوص البدر هي العامل الأول للتحدي فمنذ السبعينات كانت اغنية «زل الطرب» أول التحديات حيث لحنها طلال مداح لنفسه وقدمها بصوته بينما لحن محمد عبده نفس النص «سامري» ليقدمها بصوته أيضا ثم كانت في ثمانينيات القرن العشرين كان الصراع بين طلال ومحمد عبده قد بلغ مابلغ إعلاميا في قضية أغنيتي «أرفض المسافة ، جمرة غضى» والأغنيتان من اشعار البدر ، هذا الصراع الذي كان للرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي دخل فيه أما كيف فذلك أن طلال ومحمد والفرقة الموسيقية السعودية كانوا مشاركين في احتفالات الفاتح من سبتمبر في 1984 تقريبا وفي الحفلات الجانبية في خيمة القذافي وبينما أوامر القذافي تدور بنصوصه النبطية التي يكتبها ويطلب من طلال ومن محمد التلحين الفوري والشدو بالنص في نفس الوقت ، سأل محمد عبده عن الجديد فأسمعه فكرتي أرفض المسافة وجمرة غضى وهي التي أعجب طلال بهما وفي السكن طلب طلال من محمد عبده أن يعطيه اللحنين ليشدو هو بهما في حفلاته تحقيقا لما يطلبه دوما جمهورهما وفي أن يكون ذلك بدءا من هذه الأغنيات الا أن محمد رفض الفكرة ، وحاول طلال مرة أخرى ومن ثم انطلق ليحصل على النصين من البدر الذي لا يفرق بين طلال ومحمد في هذا المنحى فأعطاه النصين ولحنهما بنفسه وكاد الألبوم أن يصدر لولا أن محمد عبده أوقفهما بحق الأسبقية وبحكم القانون بين شركات الإنتاج الفني والذي كان قد صدر للتو.