لا تزال ذاكرة الأيام حبلى بمآثر مؤسس المملكة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه، التي يحكيها للأجيال من عاصره وسنحت لهم الظروف بالالتقاء به ومعرفته عن قرب، ومنهم العم سليمان سويلم الشويلعي العويمري البالغ من العمر 85 عاما ويتمتع بذاكرة جيدة، حيث قال ل«عكاظ» التي زارته في منزله في قرية الملاح: الحمد الله الذي أكرمني بأن عشت في عهد جميع ملوك المملكة، أما الملك عبد العزيز رحمه الله فتميز بأنه صاحب دين وحافظ للقرآن الكريم واتصف بالكرم والشجاعة والحكمة. وأضاف الشويعلي ومن القصص التي تدل على صدقه، مقولته عند توحيد? البلاد «اللهم إن كان هذا فيه خير للمسلمين أن تنصرني وإن كان فيه شر للمسلمين تكفينا شره». وكان رحمه الله يتفقد أحوال الفقراء، ففي يوم خرج ومعه فريق البحث الذي ينقب عن البترول في إحدى المناطق فوجد عجوزا طاعنة في السن تعاني من قلة الطعام فأعطاها طعاما وشرابا فدعت العجوز «اللهم إنك تفتح له خزائن الأرض» فاستجاب الله لها. وكان الملك عبد العزيز يجيد نظم الشعر وخاصة شعر الحماسة والحكم ومن قصائده عندما استعاد الرياض قوله: ? «وهني الترف موسوع الجديلة غشاه الليل دون مغرزاتي وردوهن هيت واخطاه الدليلة والموارد غير هيت مقضياتي». والقصيدة أطول من ذلك ولكن لا أحفظ إلا بيتين، ويقول أيضا عند فتح حائل، وأنا مولود في تلك السنة، وقد روى لي هذه القصة أحد أقاربي: من قفار لحايل طلعنا وتتلينا سوق النجايب تايه الراي يامن حربنا ما دري إنا دور الحرايب». وكان رجلا فاضلا متدينا، ومن أعماله طيب الله ثراه التي تدل على ذلك توسعة الحرمين المكي والمدني، وحفظه للقرآن ومداومة قراءة الحديث، وكان يربي أولاده على الدين، وكان كذلك شجاعا تساعده بنيته فقد كان عريض المنكبين ومفتول الذراعين وصامل القلب، لا يخشى في الحق لومة لائم، ويتميز ببشاشة الوجه وبالكرم، وأكبر ما يدل على ذلك فتح مطبخ (ثليم) في الرياض لجميع شيوخ وأمراء القبائل، ويضيف الجميع الكبير والصغير وبقي ذلك حتى عهد الملك فيصل، وكان يوصي أبناءه بمجالسة العلماء والحكماء ومخالطة المواطنين، وأن يجعلوا المواطنين سواسية. وعندما توفي الملك عبد العزيز وأنا عمري 20 عاما، وصلنا الخبر عن وفاته بعد يومين لعدم وجود أجهزة الراديو والتلفزيون، وأصابنا الحزن مما جعل أهل البادية يتوقفون عن أعمالهم وخاصة المزارعين والرعاة ويسود الحزن بهذا الخبر.