كانت وليمة رائعة، تجسدت من خلالها قمة الطبخ التقليدي لتحويل مكونات بسيطة من اللحم والأرز إلى وجبة غنية بالنكهة والطعم المميزين، وغنية بالذكريات أيضا. والأجمل من كل هذا أنها ضمت فئات مدعوين من مختلف الأعمار، فأعادت ذكريات أيام الطفولة والشباب. وفجأة أعلن مضيفنا الكريم أن الحلا سيكون (طرمبة)، وإذا بتحول في بيئة الوليمة، فقد أصيب مجموعة من الصغار بحالة رعب لأن تلك الكلمة لها بعض المدلولات الطبية المؤذية، لست أدري لماذا لا نجد كلمة أو كلمات أكثر لياقة لتعبر عن هذه الحلوى التقليدية الجميلة؟ وهناك العديد من المأكولات الجميلة واللذيذة التي لا تزال تسمى بأسماء غير لائقة وبعضها لا يليق ذكره على صفحات هذه الصحيفة المحترمة. ولا يقتصر موضوع الأسماء غير اللائقة على المأكولات، فأذكر منذ فترة أن أحد الزملاء اشترى سيارة جديدة جميلة وعندما وصف لونها قال إنه (فيراني). وفضلا تأمل في هذا الإبداع فلماذا يسمى لون بعض المعادن الجميلة مثل التايتنيوم مثلا بصورة مقرونة بالفئران؟ وهل لو كان لونه أفتح كان سيطلق عليه لون (وزغي) نسبة إلى الوزغ؟ وبالمناسبة فهذه البياخة في الأسماء لها أبعاد دولية، فقد أطلعت اليوم على عطر فرنسي رجالي جديد ترجمة اسمه (مذنب). غريب جدا أن تختار شركة عريقة في مجال العطور هذا الاسم. هل سيطلقون قريبا عطر (الكاذب)، وربما عطر (النذل) أيضا؟ وفي عالم العلوم ستجد بعض العجائب في هذا المجال: اكتشف العلماء أول فيروس في تاريخ البشرية عام 1892 وأطلقوا عليه اسما غريبا جدا وإليكم المختصر المفيد: اسيتل سيرل تيروسيل سيرل يوسيل ثريونل سيرل بروليس... وسأتوقف هنا لأن الاسم يحتوى على حوالي 189.000 حرف وممكن أن يحتل مساحة جريدة كاملة. وعلى صعيد آخر، نجد الأشخاص الذين غيروا أسماءهم بأكملها لتناسب مواقعهم في الحياة، أشير إلى أحد رؤساء الكونغو السابقين الذي كان اسمه الرئيسي موبوتو وغيره ليصبح: موبوتو سيسي سيكو كوكو نجبندو وا زا بنجا وترجمتها التقريبية هي «المحارب الذي لا يعرف الهزيمة، ذو العزيمة والجلد والقوة، ويترك نارا في خطاه من نصر إلى آخر». وهناك طبعا المدن التي تتغير أسماؤها عبر التاريخ ومنها مدينة (فولجوجراد) الجميلة في روسيا، كان اسم المدينة التاريخي هو (ساري يتسن) إلى عام 1925 عندما تحول إلى (ستالينجراد) لتخليد الرئيس السوفيتي (جوزيف ستالين)، ثم في عام 1961 تحول إلى (فولجوجراد). وبصراحة هناك ما هو أهم من كل هذا ففي القدس نجد أن بعض الأسماء التي نستعملها اليوم غير لائقة، ومنها مثلا مصطلح القدس (الشرقية) العربية والقدس (الغربية) اليهودية، لنتذكر وترسخ في ذاكرة تاريخ الجيل الحاضر والمستقبلي أن القدس واحدة فقط وهي عربية. وأما بداخل بيت المقدس فهناك أخطاء في الأسماء التي نستعملها ومنها مثلا الإشارة إلى حائط المبكى. والصحيح أنه حائط البراق فحتى اليهود أنفسهم لا يسمونه حائط المبكى ويطلقون عليه اسم الحائط الغربي (للمعبد المزعوم) وهذا موضوع مقال قادم إن شاء الله. أمنية لغتنا جميلة وغنية وهي من أروع نعم الله عز وجل علينا، أتمنى أن نحرص على الاهتمام بتطبيقاتها على الأسماء المختلفة من مأكولات وألوان ومدن، وكل هذا في واد والقدس في واد آخر؛ لأن حرب المصطلحات لا تقل أهمية عن الحروب الأخرى، فمن خلالها يتم ترسيخ المفاهيم ومحاولات تغيير التاريخ. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة