الإيمان هو الذي بعث الله رسله بالدعوة إليه، قال تعالى: (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض وكان الله عليما حكيماً) (النساء : 170) ومن ثبت له الإسلام والإيمان فإخراجه منه بغير حجة من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وسلم هذا من القول على الله بغير علم، ومن التعدي لحدود الله، وقد جاء التحذير الشديد من إطلاق الكفر على من لا يستحقه في قوله صلى الله عليه وسلم : «أيما أمرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه». وهذا فيه التحذير من هذا الأمر العظيم، وهو مخالفة ما ثبت بدليل إلى اتباع الهوى أو إلى غير دليل؛ لهذا يقول العلماء: من ثبت إيمانه بدليل أو بيقين لم يزل عنه اسم الإيمان بمجرد شبهة عرضت أو تأويل تأوله، بل لا بد من حجة بينة لإخراجه من الإيمان. فباب التكفير وعدم التكفير، باب عظمت فيه الفتنة ، وكثر فيه الافتراق، وتشتت فيه أهواء الناس، وتعارضت فيه دلائلهم، فالناس فيه على طرفين ووسط، والوسط هم المتبعون للحق الذي جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وجمعوا بين الأدلة وحققوها بعلم وفهم، فإن التكفير حق لله تعالى، فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عند كلامه عن مسألة التكفير: «وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع يقال هي كفر قولاً يطلق، كما دل على ذلك الدلائل الشرعية، فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم، ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه». فظاهرة التسرع في التكفير أو عدم التكفير من الظواهر الخطيرة التي ينبغي دراستها لمعرفة أسبابها وآثارها ومن ثم التوصل لعلاجها قبل أن تستفحل. ومن هنا جاء الاهتمام في المملكة العربية السعودية بإقامة مؤتمر عالمي تحت عنوان «ظاهرة التكفير: الأسباب والآثار والعلاج» برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، والذي تقوم بتنظيمه جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية بالتعاون مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وذلك تنفيذاً لتوجيهات سمو راعي الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، يشارك فيه عدد من العلماء والمفكرين لدراسة هذه الظاهرة دراسة علمية ، وتقديم الحلول العملية لها. أسأل الله عز وجل أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خيراً على رعايته لهذا المؤتمر، وأن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين ممن أراد بها سوءاً، وأن يلهمنا من أمرنا رشدا. * وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد