حذر مختصون تربويون من أخطاء يقع فيها الأبوان مع أطفالهما بشكل غير مباشر، وهو ما ينتج عنها إصابتهم بمشكلات نفسية تؤثر على سلوكهم ونمط تفكيرهم، في الوقت الذي هم يحتاجون فيه إلى الإرشاد والتوجيه والعطف، حتى يستطيعوا إشباع رغباتهم الملحة حول معرفة جميع ما يحيط بهم في حياتهم الخاصة، فهم يمتلكون فضولا استكشافيا غير محدود يمنح لهم الحرية في طرح الأسئلة، للخوض في عالم الحياة اليومي. المختصون في تربية الأطفال أكدوا أن بعض أولياء الأمور يتبعون أسسا تربوية خاطئة، دون إدراك بخطورة ذلك على الطفل، حيث يقول الناشط التربوي والمعلم في مدرسة الأمير بندر بن عبد العزيز الابتدائية في جدة محمد هداش: «الطفل في بعض الأحيان يواجه قمعا وعنفا من والديه عندما يخطىء، فما أن تجد الطفل يخطىء دون قصد حتى يباشر والداه بنعته بصفات الغباء والفشل، فيما يستخدم البعض الشتم والصراخ معتقدا أن ذلك هو العلاج الناجع في تنبيهه وزجره عن الوقوع في الأخطاء مرة أخرى، فيما لو استخدم أسلوب الحرمان مما يحب الطفل لكان ذلك أفضل بكثير، ناهيك عن إيصال رسالة واضحة للطفل أن ما فعله كان مخالفا واستحق عليه العقوبة والخصام». وأوضح هداش أن الشريعة الإسلامية تحث على العناية بالأطفال والرحمة بهم فهم أبرياء مما يصنعون لعدم إدراكهم سواء بالأخطاء التي يرتكبونها أو اللامبالاة التي يقع فيها الطفل، فهو مايزال في مرحلة النمو العقلي والبدني، ولا يمكن بأي حال أن نعامله معاملة الكبار عند العقاب ونترك ذلك عن التعليم. كما أنه لا يمكن أن يتم مقارنته بغيره، حيث لا يوجد اثنان من البشر متشابهان تماما فعامل الفروق الفردية يجب أن نضعه نصب أعيننا عند التعامل مع الأبناء، ومن هنا نقول بأنه من الخطأ الذي يقع في الآباء هي المقارنة، فالعقول مختلفة والمهارات متباينة ناهيك أنها تصيب الطفل بالإحباط وتجعله يغار من الآخرين وتولد لديه طباع الحقد والحسد وهو مازال في مرحلة مبكرة من عمره. من جهته، أكد الباحث الاجتماعي وإمام مسجد محافظة القنفذة الشيخ هاشم العجلاني أن الطفل يتأثر بأبويه أكثر من غيرهما، في تصرفاتهما أو أسلوب حديثهما، فهو بمثابة مرآة عاكسة يقلد من خلالها ما يرصده في حياة الأسرة، لذلك لابد أن يكون والداه يمتلكان الخلق الحسن ويتحليان بالشجاعة والصدق، فيما سيؤثر السلوك السيء على الطفل عندما يكون يجد أقرب الناس يتخذونه نهجا في أسلوب تعاملهم، وهو قد يصيب الطفل بحالة نفسية سيئة ويجعله ذلك عدوانيا مع الآخرين. وأبان العجلاني أن الطفل يظل إنسانا من لحم ودم ويمتلك شعورا كغيره فهو يحب ويمرح ويتنزه ويفرح ويحزن ويصاحب كغيره من البشر، لذلك لابد أن يكون التعامل لين الجانب من طرف الأبوين ومنحه الحنان والعطف الذي يظل حاجة ماسة لاغنى للطفل عنها، فهو يشعر بسعادة كبيرة عندما يجد اهتماما من والديه خاصة عندما يحتضنانه أو يقبلانه». وأوضح العجلاني أن بعض الآباء يعتقدون أن التربية تنحصر في شراء الهدايا وإدخال أبنائهم في المدارس، وتلبية رغباتهم مهما كانت، فيما يتركون الأساس في التربية وهو تعليم الأبناء السلوكيات الطيبة، وغرس القيم في نفوسهم، ومتابعتهم المستمرة فيما يفعلون ويقولون، فحتما سيكتشف الأبوان أن أبناءهما يمتلكون مواهب مختلفة ومتعددة لا يستطيعون الوصول إليها إلا من خلال التشجيع والتحفيز، وليس بالسباب والاستهزاء.. وفي الختام طالب المختصون أن يتم تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة في التربية لدى بعض الأسر حتى يحافظوا على الأمانة التي أودعها الله لديهم، وحتى يساهموا في بناء أجيال متميزة تحب الآخرين، وتحلق في سماء الإبداع والتفوق العلمي والعملي في المستقبل القريب.