يحرص الكبار في العيد على مشاركة الأطفال في الفرح وإبهاجهم فهم يعيشون فرحة مختلفة في ليالي العيد، تبدأ من العيدية وتنتهي بمدن الترفيه والملاهي. ويجد الصغار فرحة مختلفة تطرزها لهم العيدية، حيث يحرص الأطفال على جمع المبالغ المالية التي يهبها لهم ذووهم وأقاربهم في هذه المناسبة السعيدة، ومن ثم تلبية رغباتهم في الترفيه وشراء الحلوى والألعاب، بينما يفضل آخرون ادخارها إلى حين آخر واستثمارها في تحقيق احتياجاتهم. وتعتبر العيدية التي تتصف بالنقود ذات الفئة الجديدة من العادات التي حث عليها الشرع، إذ أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث إحدى الفتوى عنها وجاء نصها «لا حرج في ذلك، بل هو من محاسن العادات، وإدخال السرور على المسلم، كبيرا كان أو صغيرا، وأمر رغب فيه الشرع المطهر». من جانبه، يرى الباحث التربوي محمد شامي هداش، أن العيدية يصاحبها عدد من الفوائد فهي تساهم في تعليم الأطفال على الادخار، لشراء متطلباتهم والاستفادة من المال عند الحاجة، إضافة على أنها تغرس معنى الرحمة والعطف على الآخرين، وذلك بأن يقتطع الطفل جزءا منها لطفل يتيم أو فقير، كما أنها تدرب الطفل على تحمل المسؤولية واكتساب بعض من الحرية من خلال نقوده التي يتصرف بها في حرية تامة ودون تدخل من الآخرين. وطالب هداش أن يظهر الشخص الذي يقدم العيدية الحب والود عند إعطائه الطفل ليعزز الترابط الأسري والاجتماعي بين الصغار والكبار. الدكتور محمود عبدالرحمن حمودة أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، أكد أن العيدية تنمي قدرة الطفل على التصرف وأخذ القرارات فيما يمتلك من نقود، حيث يدرب نفسه على تصريف أموره المادية، فيما يستفيد من تجاربه من خلال تقييم الكبار لأوجه إنفاقه تجاه تصرفاته المادية واكتشاف أخطائه لتعديل سلوكه. وأكد حمودة أن العيدية تشجع الطفل على التصرف السليم وإعطائه ثقة بنفسه، مطالبا الآباء عند انتقادهم أو اتهامهم بالإسراف والتبذير وعدم إنفاقها بطرق سليمة، فهم يفسدون بذلك سعادته ويهزون ثقته بنفسه، لكن عليهم أن يشاركوا طفلهم في التخطيط لإنفاقها بشرط أن يكون القرار الأخير للطفل حتى يحقق رغباته، مشيرا إلى أهمية تجنب التعليمات الصارمة والتسلط في العيد واستبدال ذلك بالحوار الإرشادي الهادف. وأكد أستاذ الأمراض النفسية والعصبية أن العيدية لها فوائد صحية على الكبار، فهي تتضمن طابعا فريدا وجانبا إنسانيا يخرج الكبار من انشغالهم بذاتهم إلى الانشغال في سعادة الصغار، وبذلك يكتشف الشخص أن السعادة الحقيقة تكمن في إسعاد الآخرين، ومن هنا تكتمل صحته النفسية، مشددا على أهمية أن يكون التواصل من الكبار والصغار لتأكيد الحب من خلال إعطاء العيدية، وألا يقتصر على الآباء فقط ولكن لابد من تبادلها بين الأسر والأقارب فهي تشعر الصغير باهتمام الكبار ورعايتهم، فيزيد إحساسه بالأمان، وهو شيء ضروري لصحته النفسية، وأخيرا يؤكد الدكتور حمودة أن العيدية لها فائدة أيضا للكبار فهي تخرجهم من انشغالهم بذاتهم إلى الانشغال بسعادة الصغار، وبذلك يكتشف الشخص أن السعادة الحقيقية تكمن في إسعاد الآخرين وبهذا تكتمل صحته النفسية