يقدم موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وجها من وجوه الشارع السعودي فكرا وحاجة وتعبيرا، وما ظهور هذا النبض وهذه الصورة بكل تفاصيلها دون تدخلات جراحية أو تجميلية، إلا دليل على حاجة الشباب لمنابر تعبير ومساحات حروف ليست متاحة لهم في ظل غياب المحاضن المهتمة بأهم شرائح المجتمع، ووجد الشبان هذا الموقع متنفسا لهم، يعبرون من خلاله عن مواقفهم، مطالبهم، ورؤيتهم، بعدما همشوا - كما يقولون- لفترة طويلة عن المشهد، ولم يجدوا غير شعارات «الشباب عماد الأمة» و«الشباب قائدو المستقبل»، حيث وجدوا أنها شعارات خدمتهم معنويا فقط. طرحنا السؤال: إلى أي مدى تؤثر هذه الصورة المغلوطة في المجتمع عن الشباب على الشاب؟ يقول الشاب محمد بجد «هذه الصورة السائدة عنا هي التي جعلتني أتجنب المجمعات التجارية كي لا أكون في موقف المدافع والمبرر أمام رجل الأمن الذي يواجهنا عادة بالمنع، وطرح العديد من الأسئلة التحقيقية»، مضيفا «ولكنني في الوقت نفسه، أرى أن بعض الشباب السعودي يحملون في ذواتهم غيرة صورية ليست حقيقية، ولو كانت حقيقية لما رأيت البعض يتفاخرون بمعاكسة النساء، وربما أن عدم السماح للشباب بدخول الأسواق وغيرها من الأنظمة التي بندتها تراكماتنا الاجتماعية هي التي جعلت هذا الشاب يغازل ويعاكس النساء بالرغم أنه يزعم أنه صاحب الفضيلة». أما الشاب فهد الراجحي فعلق قائلا: منذ الصغر يتم إلصاق هذه الصورة بكل شاب حتى لو كان وديعا أليفا كالحمل الوديع، فعقولنا برمجت على هذا الاتجاه، فالشاب مهما فعل لا يمكنه كسب الثقة من بعض أفراد المجتمع الكبار، ويظل غير مؤتمن، هذا ما كبرنا عليه، حتى أن الجنس الآخر بدأ ينظر إلينا على أننا مجرد ذئاب غادرة، ومن هنا نشأ التنافر بين الجانبين. ويرى عادل فلمبان وهو أب لعدد من الأبناء «كل هذه أمراض جانبية لها مسببات متعددة من خلال الجو العام في المجتمع مدنيا وهو مفقود حيث يولد تمرد في العقل الباطن، فإذا صاحب ذلك فقدان الثقة والإشعار بها بهدف الإذلال وفرض السيطرة بنظرة الاحتقار والاستصغار، فإننا سوف نرى عجبا، وفي حالنا لم يعد عجبا فحسب بل تخطى كل ذلك». فيما يرى الدكتور أسامة عثمان أن «الشباب طاقة فائقة خصوصا في هذا الوقت ولعلهم الأكثر تعرضا للتجاذب والتنازع بين أقطاب الحياة، وتغيراتها السريعة، فلا مناص من بناء شخصياتهم المتميزة، والعناية بهويتهم، ولا شيء كالقناعات تنفع الشباب، بل إنها تحولهم طاقة بناء، عوض أن يكونوا عامل تشويش، أو تخريب، أو أن يقعوا في منزلقات الانحراف، ولا شعور كالثقة بهم يزيدهم ثقة وإيجابية، مع الرقابة والتوجيه الودود». كما كان للقاص محمد العرفج تعليق قال فيه: مشكلة المجتمع لدينا أنهم يعاملون الأعزب كشخصية غير سوية لا سيما في المجمعات التجارية، وكأنه وحش يمنع من الاقتراب خوفا من الانقضاض على فريسة، مع العلم أنه رغم منع الشباب من ارتياد تلك المجمعات منفردين والسماح لهم بالدخول مع ذويهم، إلا أننا نجد تلك المعاكسات ظاهرة لشباب دخلوا مع ذويهم وابتعدوا عنهم. ويرى الكاتب نادر الكلباني أنه من الخطأ أن يجير سبب المشكلة إلى أمر واحد إذا كان في دائرة المشكلة أكثر من عنصر فحتى لو قلنا إن المجتمع الآن وبموجب تراكمات سابقة أصبح ينظر للشاب الأعزب نظرة غير سوية، سنسأل ما السبب؟ وهكذا يتكرر السؤال في كل جزئية لتتأكد في نهاية الأمر أن الكل المحصور في دائرة المشكلة يتحمل جزءا منها، مع اختلاف نسب المشاركة»، مضيفا «في واقعنا الآن، الشاب البعيد عن المثالية لا يظهر سلوكا يعزز الثقة به وبعقله وخلقه، إذن فالشاب يمارس ما يجعل الناس يخافون منه ولا يثقون به، والمجتمع مليء بتعقيدات ومفاهيم لا تشجع الشاب على تصحيح مساره»، وعاد الكلباني إلى القول «نعود ونسأل من المتسبب؟ وأنا أطرح هذه الأسئلة لأننا درجنا عند الحديث عن أمر سلبي أو مشكلة أن نلوم أحد أطرافها فقط، ومع الزمن أصبح كلنا يلوم كلنا ويلقي باللوم على الآخر»، مؤكدا على أن الواسطة، القانون المؤسساتي، العقاب، التحديث في القوانين، والقدوة هي سيل من العوامل التي تقف خلف مشكلة قد تبدو في ظاهرها محدودة.