كانت لشعوب بلاد ما بين النهرين في السنة 600 قبل الميلاد مكتبات منظمة تماما في معابدهم وقصورهم. وكانت الكتب في هذه المكتبات الأولى ألواحا من طين مجفف. وكانت الآلاف من هذه الألواح مرتبة حسب الموضوعات في المعابد والقصور، فكانت في الواقع المكتبات الحقيقية الأولى. ثم جاءت الدول الإسلامية (الأموية والعباسية والعثمانية) ورفعت من شأن الكتاب، مثل إنشاء الرشيد لبيت الحكمة وهو أشبه بمكتبة عامة مفتوحة لكل أحد وفيها ملتقى للكتاب والأدباء والعلماء وعامة الناس. أما اليوم فالمكتبة العامة ضرورة ملحة مثلها مثل الأسواق والمطاعم، لأن المطاعم وإن كانت تغذي الأجسام فإن المكتبة أيضا تغذي العقول والأفهام. قد نطالب بمكتبة في كل مسجد وفي كل مدرسة وفي كل ناد إذا كنا فعلا قد قطعنا شوطا في تعزيز القراءة ونشرنا المكتبات في كل مدينة وقرية على أقل تقدير، إلا أن هذه الأمنيات تظل أحلاما تحتاج إلى صبر ودعاء. قد يكلف إنشاء مكتبة عامة بقاعاتها وكتبها مليون ريال أو اثنين على أقل تقدير، إلا أن ثمرت هذه المكتبة على العقول عقول الشباب والفتيات لا تقدر بثمن ولا تقاس بزمن، لأن الكتاب نور فهل تريدونني أن أصف النور؟ ولأن الكتاب كنز فهل تريدونني أن أثبت غلاء الكنوز؟ ولأن الكتاب صديق مخلص فهل تريدونني أن أبين منزلة الإخلاص في القلب؟. ها هم شبابنا على الأرصفة مجتمعون، وفي المقاهي مقهقهون، وفي الاستراحات هاربون، وعلى مدرجات الملاعب ضائعون. مكتبة في كل مدينة وقرية حل أولي ومبدئي ومهم للحد من ظواهر كبيرة شاهدناها ونشاهدها في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا.. فهل من سبيل إلى هذا المشروع؟! عبد العزيز جايز الفقيري تبوك