المختص في التربية وتعديل السلوك محمد العبد الكريم، أوضح بداية معنى العنف بقوله: «هو نمط من أنماط السلوك المصحوب بتوتر زائد نتيجة الإحباط ونزعة نحو إلحاق الأذى بالآخرين أو بالأشياء»، مبينا أن من أسباب انتشار العنف عدم وضوح عواقبه الحقيقية وإخفائها عن تفاصيل كثير من المسلسلات العربية. وحول أسباب إقبال الناس على متابعة العنف في المسلسلات، أوضح «هي عدة نقاط أهمها لما تتضمنه أحداثها من إثارة وتشويق والتنفيس الخفي لما في نفوس بعض المشاهدين من أعراض الكبت والحرمان ( الحقد + العزلة) ، إضافة إلى الإشباع الضمني للنزعة الانتقامية والتسلطية كذلك إثبات الذات ( بالتفكير السلبي )، وهناك أمر مهم جدا وخطير في الوقت ذاته، وهو الفهم الخاطئ للذكاء والشجاعة، وعنف المسلسلات أدى إلى ترويج ونشر ثقافة العنف وجعله مستساغا في أذهان الكثيرين»، مرجعا سبب ذلك «لأنها تجعل من يمارس العنف بطلا ونموذجا وقادرا على أخذ ما يريد (ونقطة الضعف في كثير من المسلسلات أنها لا تقدم لنا الآثار السلبية للعنف) وهي تفصل الحدث عن النتيجة التي تخدم السلوك السليم في الواقع وتواكبه، حيث يجب ربط الحدث العنيف بنتيجته الرادعة». ويرى العبد الكريم أن مسلسلات العنف تؤدي لتنشئة جيل لا ينظر إلى الأسباب والوسائل المشروعة التي يحقق بها ذاته فيعمد للانتقام كوسيلة، واضعا في عين الاعتبار أن لكل فعل ردة فعل، مشيرا إلى أن المشاهد الاحترافية في تصوير العنف تؤدي إلى تطبيق الجمهور لتفاصيلها، لأنها تقدم نموذجا مدروسا ومنظما بكل تفاصيله بجهد جماعي من خلال طاقم العمل.. وحول أيهما الأكثر بقاء في النفس، العنف الجسدي أو اللفظي، يرى العبدالكريم أن الأمر مرتبط بعدة عوامل، أولها طبيعة العنف وكينونته (يمس الذات أو يمس العاطفة)، وثانيها حساسية المتلقي (تركيبته النفسية)، ثم المدة الزمنية (لحظية أو مستدامة)، والظروف المحيطة (أمام الآخرين)، ويختم العبدالكريم حديثه حول ما يسمى ب «العنف البصري» قائلا: هو يؤدي للإرباك وتشتت الذهن، وهو التعنيف من خلال النظرات الحادة، بحيث تجعل المتلقي مترددا، قلقا، مرتبكا، ولا يعتمد على ذاته، ودائما ما ينظر في عيون من حوله مستجلبا رضاهم، وهذا النوع من العنف منتشر بين جميع أفراد المجتمع من خلال مقولة (ناس ما تجي إلا بالعين الحمراء).