لم تكن معاهدة السلام مع إسرائيل حاضرة في أجندة ثورة 25 يناير أو على الأقل لم تكن من الأسباب الرئيسية لاندلاع ثورة الشعب المصري العظيمة ضد النظام السابق. وعندما تولى المجلس العسكري القيادة سارع إلى التأكيد بالتزامه بهذه المعاهدة في إجراء بروتوكولي متوقع. وحتى عندما بدأت تتكشف فضائح اتفاقية الغاز مع إسرائيل وتورط رموز من النظام السابق بها، كان موقف الحكومة المصرية سلبيا ولم تبذل محاولات جادة لتعديل الاتفاقية ربما بسبب كونها حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال. إلا أن الشعب المصري قال كلمته بقوة بعد أن عجزت الحكومة المصرية عن اتخاذ موقف قوي جراء الاستخفاف الإسرائيلي بمصر الذي أدى إلى استشهاد (4) جنود مصريين على الحدود. فكانت الاحتجاجات العارمة أمام مبنى السفارة الإسرائيلية ثم كان مشهد إنزال مواطن مصري بسيط للعلم الصهيوني ورفع العلم المصري على مقر السفارة وهو مشهد رمزي لكنه يحمل دلالات كثيرة. هو تعبير عن رفض غالبية المصريين لمعاهدة سلام ظالمة لا تعطي مصر حق التصرف في أرضها كيف تشاء وجعلت سيناء كالسيارة المسروقة التي أعادتها الشرطة إلى صاحبها ولكنها ألزمته بقيادتها بسرعة لا تتجاوز العشرين كم.. تحرير الشارع المصري وتعبيره عن إرادته المستقلة إزاء معاهدة السلام والعلاقات مع إسرائيل هو إنجاز يضاف إلى إنجازات الثورة لكنه يجب أن لا يطغى على الاستحقاق الأهم وهو مسألة التحول الديمقراطي لقد كانت القضية الفلسطينية وعلى مدار أكثر من 60 عاما شماعة تبرير لاستمرار الحكم الاسبتدادي في الدول العربية والخوف هو أن يؤدي التصعيد مع إسرائيل في هذا الوقت إلى تحوير الثورة المصرية عن مسارها أو إلى اختطافها عسكريا أو ايديولوجيا. أي تحرك تجاه تعديل المعاهدة أو قطع العلاقات مع إسرائيل يلزمه أيضا جاهزية وخيارات اقتصادية جديدة تحمي مصر من تبعات أي ضغوط اقتصادية خارجية من أمريكا والغرب. بناء الداخل القوي والحر هو الأولوية للربيع العربي.