أزمة الدين الأمريكي هي أحد المؤشرات الدالة على تقهقر مكانة الولاياتالمتحدة الاقتصادية في العالم. ومن سخرية القدر، أن أكبر اقتصاد في العالم بات يعاني من ذات الأمراض والعلل التي تواجهها اقتصاديات دول أوروبية صغيرة مثل اليونان والبرتغال وآيرلندا على صعيدي المديونية والعجز في موازناتها. وفي الواقع، فإن أزمة الدين العام والعجز في الموازنات الحكومية باتت سمة لازمة للاقتصاديات الرأسمالية التقليدية الكبرى، مثل منطقة اليورو واليابان وبريطانيا. وفي خطوة استباقية، أعلن البنك المركزي الأوروبي بعد اجتماع طارئ عقده في 7 أوغست الجاري أنه سيتدخل بفاعلية لشراء السندات الحكومية في سوق سندات الخزينة الأوروبية لمواجهة تفاقم أزمة الديون في منطقة اليورو، وذلك في محاولة لاستباق تداعياتها الاجتماعية والسياسية في بلدانها، وهو ما لمسناه من تصاعد الاحتجاجات الشعبية والإضرابات العمالية في اليونان وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها. في ظل العولمة التي هي في الأساس عولمة اقتصادية، لا نستطيع إغفال تشابكاتها وتداخلاتها وتأثيراتها السياسية والاجتماعية والثقافية والمعرفية والاتصالية المباشرة وغير المباشرة التي باتت تخترق بلدان العالم الغنية والفقيرة على حد سواء. لذا كان رد الفعل على أزمة الدين الأمريكي هو التذبذب الشديد في سوق سندات الخزانة الأمريكية وهبوط حاد في أسواق المال والبورصات الأوروبية والأمريكية والآسيوية، ومن بينها البورصات العربية وفي مقدمتها البورصات الخليجية، حيث خسرت تلك الأسواق في غضون أيام قليلة حوالي 4 تريليونات دولار، في حين تجاوز سعر الأونصة من الذهب حاجز 1700 دولار. وتبرز الصين وبلدان مجلس التعاون الخليجي، التي تمتلك نسبة مهمة من سندات الخزينة الأمريكية، في مقدمة البلدان المتضررة من أزمة الدين الأمريكي. الصين لوحدها تمتلك ما يعادل أكثر من 3.2 تريليون دولار من احتياطات العملة الصعبة، %70 منها بالدولار الأمريكي ومن بينها حوالي 1.2 تريليون دولار كسندات خزانة أمريكية. في حين تقدر بعض التقارير المتحفظة الاستثمارات العربية العامة والخاصة بالدولار بنحو 1.5 تريليون دولار. الصين من جهتها التي باتت تشكل ثاني اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة أعلنت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي وأن كافة الخيارات لديها مفتوحة سواء من خلال المضي في تنويع سلة احتياطاتها من النقد الأجنبي، و استخدام عملتها (اليوان) في تعاملاتها التجارية وحسب الأرقام المتوفرة، ارتفع حجم استخدام اليوان كعملة تجارية من 18.4 مليار يوان في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2010 إلى 360 مليار يوان في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. وهناك مؤشرات على سعي الصين لإحلال عملتها اليوان بديلا أو رديفا للدولار كعملة رئيسية في العالم. والسؤال هنا ماذا أعدت الدول العربية والخليجية وفي مقدمتها السعودية لمواجهة تداعيات أزمة الدين الأمريكي على اقتصاداتها القائمة على الارتباط الوثيق بالدولار؟ للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة