شرع الله العبادات لتنظيم حياة المسلم وتربيته نفسياً، وجسدياً. وهو ما يتضح جلياً في فريضة الصيام،كونه يدرب المسلم على الصبر، وكبح جماح الشهوات. لقد أدرك الغرب فوائد الصوم لصحة الإنسان، وأكدت أبحاثهم وجود ارتباط بين الصوم وانخفاض مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض. وأظهرت دراسات موثقة بأن الامتناع عن الطعام لساعات محددة ولمدة ثلاثين يوماً يقلل من العوامل التي تؤدي للإصابة بزيادة الوزن، وسكري الدم. وأوضح B.Horn مدير الوبائيات في معهد القلب بمركز Intermountain الصحي بولاية يوتا الأمريكية حسبما نقلت وكالة «الشرق الأوسط» للأنباء أن الصوم يؤدي لإفراز المزيد من الكولسترول الحميد في جسم الإنسان، مما يتيح استهلاك الدهون كمصدر للطاقة بدلاً من الجلوكوز، وهو ما يساعد على تقليل خلايا الدهون في الجسم، ولذلك يمكن أن يوصف الصوم مستقبلا كعلاج للوقاية من داء السكري، وأمراض الشرايين التاجية. كما أكدت الأبحاث الطبية تأثير الصيام في زيادة مقاومة الجسم للخلايا السرطانية، وانخفاض معدل ظهور بعض أورام الجهاز المناعي. ومن الدراسات التي نشرت حول هذا الموضوع، ما أعده باحثون في جامعة Grenoble الفرنسية، وأكدوا فائدة الصيام لخفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً. ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى إبطاء زحف الشيخوخة على خلايا الدماغ، حيث كشفت دراسة أجراها المركز القومي لبحوث الشيخوخة في أمريكا، ونشرت نتائجها في دورية «علم الأعصاب الحياتي»، عن تأثير الصوم في تأخير هرم الخلايا الدماغية، وإسهامه في إبطاء مرض الزهايمر. وفي هذا السياق يؤكد د.رامز طه، بأن البعض قد يتساءل عن الحكمة من الصوم عن أشياء أحلها الله طوال العام! وتجيء الإجابة من دراسات غربية حديثة. فقد أكدت دراسة د. كانمان Kanman من جامعة Princeton الأمريكية أن عدم خفض الاختيارات، والتحكم في الرغبات يؤدي لتزايد الإحساس بالكآبة بمعدلات تتناسب عكسياً مع تعدد الاختيارات، لأن الناس هناك لم يتعلموا طريقة للسيطرة على شهواتهم. وفي عام 2004م صدرت دراسة د..شوارتز . B. Schwartz التي أكدت ارتفاع معدلات الاكتئاب ومشاعر الإحباط نتيجة الإفراط في الاختيارات وعدم القناعة، وبأن أغلب أفراد المجتمع لا يعرفون طريقة لضبط شهواتهم وخفض شره رغباتهم. وهو ما يؤكد ضرورة التدرب على الضبط الذاتي للشهوات، والغرائز والانفعالات، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال الصيام. *كلمة أخيرة: أيا كانت رؤيتهم العلمية والطبية عن فوائد الصيام، التي توصلوا إليها في العصر الحديث، فقد اختصرها لنا المولى عز وجل بقوله تعالى: «وأن تصوموا خير لكم» (البقرة، 184). * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected]